(CNN) -- مع شيوع استخدام التكنولوجيا، ووصولها بشكل متزايد إلى أيدي مستخدمين بالعالم العربي، يشعر نشطاء وخبراء تقنيون بالقلق من إمكانية قيام سلطات بحظر الوسائل التقنية، وهي الدول التي ظلت حكوماتها طويلا تحاول السيطرة على الإعلام وشبكة الانترنت. وتثير تصريحات حكومية في الإمارات حول "خطورة هواتف بلاك بيري،" والتي انتشرت بسرعة في هذه الدولة الخليجية، مخاوف كثيرين من أن ذلك ربما يكون مقدمة لحظر تلك الخدمة، أو غيرها، في حال شعرت السلطات بانفلات الرقابة من قبضتها. ومؤخرا، قالت هيئة مسؤولة عن تنظيم الاتصالات في الإمارات، إن هواتف بلاك بيري التي تصنعها شركة "ريسيرش إن موشن" الكندية "عرضة لسوء الاستخدام"، وإنها تبحث في السبل الكفيلة بحماية مستهلكيها وقوانينها. وتضيف الهيئة في بيان صدر الأسبوع الجاري، "إن الإمارات تعمل من أجل حماية المعلومات الشخصية لمستخدمي بلاك بيري، وتضع نصب عينيها البحث عن حل يضمن حماية سرية معلومات المستخدمين من أفراد وشركات، وبما يتماشى مع أحكام تنظيم الاتصالات في الدولة." لكن آزد صفي الله، وهو محلل في شركة تطبيقات إلكترونية، قلل من أهمية تلك المزاعم، قائلا إن الحديث عن "مخاطر ربما يتعرض لها مستخدمو بلاك بيري، ليس سوى مقدمة لتبرير حظر الخدمة في المستقبل، أو فرض رقابة ما عليها." وقبل الإمارات، حذرت البحرين العام الجاري من استخدام برنامج "مسنجر بلاك بيري" في نشر أخبار محلية، وهو الغرض ذاته الذي يستخدم فيه البرنامج في الإمارات، إذ يتداول المستخدمون أخبارا وأحيانا بيانات لا يمكن التأكد من مصداقيتها، ولم تكن لتجد طريقها إلى وسائل الإعلام المحلية. لكن هيئة تنظيم الاتصالات الإماراتية تقول إن "بعض تطبيقات بلاك بيري تتيح السبيل أمام تجاوزات تتسبب بمضاعفات تؤثر على الصعيد الاجتماعي والقانوني، وكذلك أمن البلاد." وعن ذلك يقول صفي الله: "أعتقد أن ما تريده السلطات حقا في الإمارات ودول الخليج جميعها هو السيطرة على مستخدمي بلاك بيري، وإحكام الرقابة عليهم، وليس حمايتهم من الأخطار المزعومة، فكل مستخدم يعرف تماما ماذا يفعل، فلا فرق بين الهاتف والإنترنت الموجود في المنزل." وتفرض الإمارات العربية المتحدة وسائر دول الخليج الأخرى (السعودية، وقطر، والكويت، والبحرين، وسلطنة عُمان) رقابة على شبكة الإنترنت عبر برامج تحجب مواقع معينة ذات علاقة بالمعتقدات الدينية والإباحية الجنسية، وبعض المواقع السياسية. وترى منظمات حقوقية إن التحذير الصادر عن السلطات الإماراتية "يشكل شوطاً جديداً من الهجوم الذي تشنّه ضد خدمة بلاك بيري وقدرتها على نشر المعلومات." وتقول منظمة "مراسلين بلا حدود"، في بيان نشرته على موقعها الإلكتروني، إن "الإمارات ترد على لائحة الدول المصنفة ( قيد المراقبة) في تقرير أعداء الإنترنت، الذي نشرته مراسلون بلا حدود في آذار/ مارس 2010. فقد وضع النظام خطة شاملة لترشيح الإنترنت. ومن بين المواقع المحجوبة تلك التي تعالج وضع حقوق الإنسان والسجون والعائلة المالكة وحرية التعبير." وتابع البيان "بلاك بيري يخضع للترشيح في الإمارات منذ كانون الأول/ديسمبر 2009. وفي تموز/يوليو 2009، حاولت السلطات تركيب برامج تجسس على الهواتف الذكية، ولكنها عدلت عن هذا المشروع إثر تعبئة مهمة نظمها المستخدمون المعارضون له." ولم تتمكن CNN بالعربية من التثبت من مزاعم منظمة "مراسلين بلا حدود،" حول نية الإمارات "التجسس على مستخدمي بلاك بيري." في حين رفض متحدث باسم شركة "ريسيرش إن موشن الكندية" التعليق ل CNNعلى أي تقرير بشأن الهواتف التي تصنعها الشركة. ويشار إلى أن عددا من المدونات، والمواقع الإجتماعية نشرت بعض الأنباء عن صدور دعوات لتنظيم مسيرات سلمية وحملات مقاطعة انتشرت في الإمارات عبر خدمة "بلاك بيري مسنجر"، كان أبرزها حملة احتجاج ودعوة لمقاطعة محطات الوقود بعد قرار رسمي برفع أسعار المحروقات الشهر الماضي. وللسبب ذاته، وقعت "خدمات بلاك بيري" ضحية الرقابة في دول خليجية أخرى. ففي نيسان/أبريل 2010، حظرت البحرين خدمة "الأخبار الطارئة" التي تنقل أخباراً يومية من أهم ست صحف في البلاد وتوزعها على حوالي 11 ألف مستخدم. ولم تتمكن CNNمن التأكد من صحة المعلومات التي وردجت على تلك المواقع، كما تعذر الوصول إلى مسؤولين في البلدين، الإمارات والبحرين، للتحقق من الأنباء. يذكر أن الشركة الكندية المصنعة لهواتف "بلاك بيري" تستحوذ على نحو 21 في المائة من سوق الهواتف الذكية على مستوى العالم، وتنبع قوتها من أن المستخدم باستطاعته إرسال واستقبال رسائل البريد الالكتروني عبر الإشارات الهاتفية دون الحاجة إلى الاتصال بالإنترنت.