تنتشر الحميات الغذائية بشكل كبير خلال أشهر الصيف، إلاّ أن معظم السيدات لا ينتبهن إلى أن الوزن الذي يخسرنه عبر اتباع حميات غذائية صارمة يحصلن عليها من صديقاتهن أو من مصادر غير موثوقة مثل المواقع الالكترونية العشوائية، أن هذا الوزن هو في الواقع خسارة من كثافة العظام. وهذه الحميات الغذائية الرائجة التي يتم اتباعها دون استشارة اختصاصيي التغذية، والتي تفتقر إلى كمية الكالسيوم الضرورية، تسبب إضعاف العظام تدريجياً مما يؤدي إلى ترقق العظام في مراحل عمرية متقدّمة. وفي هذا الشأن تقوم اختصاصية التغذية لدى شركة نستله Nestlé الشرق الأوسط، لين الخطيب، بتوضيح الأسباب التي تجعل من هذه الحميات الغذائية الرائجة غير المتوازنة خطراً على العظام، كما تقدم بعض النصائح للحفاظ على صحة العظام وقوتها أثناء اتباع الحميات الغذائية. كيف تؤثّر الحمية الغذائية غير المتوازنة في صحة العظام؟ تقول الخطيب: عند التقليل من تناول السعرات الحرارية، فإن معظم الناس يلجأون إلى تخطي الوجبات الرئيسية. وتكون أول وجبة يتم حذفها من النظام الغذائي غالباً هي وجبة الإفطار، الوجبة الأغنى بالكالسيوم لمحتواها التقليدي من الحليب ومنتجات الألبان؛ وهي المصدر الأهم للكالسيوم الذي يتم امتصاصه في الجسم بفعالية. بالإضافة إلى ذلك، أثبتت الدراسات الحديثة وجود رابط مباشر بين المبالغة في إنقاص الوحدات الحرارية في النظام الغذائي ومرض ترقق العظام. وهنا توضح الخطيب أن اتباع حمية غذائية صارمة لخسارة الوزن لمدة محدودة نسبياً قد لا تتجاوز الخمسة أشهر تسبب خسارة كبيرة في الكثافة العظمية. وقد بيّنت الدراسات أن الكثافة العظمية لدى السيدات اللواتي يتّبعن مثل هذه الحميات القاسية باستمرار هي أقل بمعدل 16٪ من تلك لدى السيدات اللواتي يتّبعن نظاماً غذائياً يومياً سليماً. وتتابع الخطيب بأن هناك مخاطر أخرى ترتبط بالحميات الغذائية الرائجة غير الصحية، حيث أن معظم هذه الحميات تعتمد بشكل أساسي على مجموعات غذائية معينة دون الأخرى لفترات زمنية طويلة. وهذه الحميات قليلة جداً بالسعرات الحرارية ولكنها في الغالب فقيرة بالعناصر الغذائية المهمّة. فهي مثلاً تفتقر إلى منتجات الألبان، مما يعني أنها فقيرة بالكالسيوم، كما أنها تميل إلى تجاهل عناصر غذائية يحتاجها الجسم لامتصاص الكالسيوم، مثل الفوسفور وفيتامين "أ" والبروتين. بالإضافة إلى ذلك، تؤثّر الحميات الغذائية الصارمة لفترات طويلة في معدلات الاستروجين في الجسم، والتي تؤثر بدورها في صحة العظام. وتشير دراسة حديثة إلى أن النساء بعد انقطاع الطمث هنّ الأكثر عرضة لخسارة كثافة العظام، حيث أن نشاطهن يقلّ بشكل طبيعي مع التقدم في العمر وبالتالي فإن أجسامهن تفرز كميات أقلّ من الاستروجين، وعند قيامهن بالمبالغة في تقليل السعرات الحرارية فإن خطر الإصابة بترقق العظام لديهن يزداد بشكل ملحوظ. أما بالنسبة إلى المراهقات فهن في مرحلة عمرية أساسية لبناء العظام، وقد تؤدي الخسارة الكبيرة في الوزن إلى نقص في الاستروجين وإلى توقف الطمث. وهذه الآثار، إلى جانب نقص الكالسيوم والعناصر الغذائية الضرورية، تضرّ بالعظام إلى حد بعيد. الحميات الغذائية السليمة تحتوي على كمية وافرة من الكالسيوم إذاً، بأخذ كل ما سبق بعين الاعتبار، كيف يمكننا التأكد من أن حمية التنحيف التي نتبعها لا تهدّد صحة عظامنا؟ تنصح لين الخطيب باستشارة اختصاصيي التغذية للمساعدة على وضع نظام غذائي خاص صحي ومتوازن يلائم احتياجات كل سيدة وأسلوب حياتها. ومن الضروري أيضاٌ عدم التقليل من تناول الكالسيوم عند محاولة تخفيض السعرات الحرارية في النظام الغذائي. فالكالسيوم يساعدك على الحفاظ على كثافة العظم ويساهم في إنقاص الوزن، وتحتاج المرأة منه في عمر 19-50 حوالي 1000 ملغرام يومياً. وتؤكد الخطيب على ضرورة تناول ثلاث حصص من الحليب ومنتجات الألبان يومياً بالإضافة إلى الأغذية الغنية بالكالسيوم إلى جانب منتجات الألبان، مثل السردين والسبانخ وحبوب الصويا. ومن الطرق السهلة لضمان الحصول على الكمية اليومية الموصى بها من الكالسيوم بالإضافة إلى العناصر الغذائية الضرورية لامتصاصه في الجسم شرب كوبين من الحليب الذي تمّ تطويره لتلبية احتياجات النساء نسفيتا برو بونز، وهو متوافر بخيارين قليل أو خالي الدسم ليلائم حميتك الغذائية. ولا ننسى في هذا الإطار أهمية فيتامين "د" لامتصاص الكالسيوم في الجسم. ويمكن الحصول عليه من خلال الأغذية المدعّمة بفيتامين "د"، ومن خلال التعرض لأشعة الشمس لفترات معتدلة. وتختم الخطيب بالإشارة إلى أن العظام، مثل العضلات، تصبح أقوى عبر التمرين المستمر. ويمكنك تحقيق وزنك المثالي عبر اتباع حمية غذائية متوازنة، مع ممارسة التمارين الرياضية بانتظام والتي تساعد أيضاً على تنشيط عملية الأيض. وبذلك يمكنك التأكد من أنك تحافظين على عظامك قوية وصحية وحتى في المراحل العمرية اللاحقة، وذلك في الوقت الذي تخسرين فيه الكيلوغرامات الزائدة!