بخلاف ما هو شائع في أوساط العامة وأهل الاختصاص على حد سواء، لا بد من خسارة كيلوغرامات كثيرة وبسرعة حتى يصح الحديث عن خسارة مجدية للوزن، بحسب ما أشارت دراسات عرضت في إطار المؤتمر الدولي حول البدانة في ستوكهولم بين 11 و15 تموز (يوليو) الجاري. فقد أجرت كاترينا بورسيل، الاختصاصية في التغذية والباحثة في جامعة ميلبورن (أستراليا)، دراسة مقارنة بين أسلوبين من الحميات الغذائية على أشخاص يبلغ وزنهم 100 كيلوغرام. الحمية الأولى "سريعة"، على مدى 12 أسبوعاً لخسارة كيلوغرام ونصف أسبوعياً، أما الثانية فتأتي "تدريجياً" على مدى 36 أسبوعاً، بهدف خسارة نصف كيلوغرام أسبوعياً. وتقول بورسيل إنه "بشكل مستغرب وبخلاف ما نعتقد، تشير هذه الدراسة إلى أن الحمية السريعة أكثر فعالية من تلك التدريجية، إذا ما كنا نهدف إلى بلوغ وزن محدد". وتبين نتائج الدراسة أن 78% من الذين اتبعوا حمية "سريعة" بلغوا هدفهم، وهو خسارة 15% من وزنهم، مقابل 48% من الذين خضعوا لحمية "تدريجية". وتلفت الباحثة إلى أن أحد الأسباب نفسي، ويتصل بعملية التحفيز. وتشرح "عندما نخسر كيلو غراماً ونصف أسبوعياً نرغب باستكمال الحمية، بخلاف عندما نخسر فقط نصف كيلوغرام من هنا أو هناك". وكان أربعة مشاركين في مجموعة الحمية "التدريجية" قد انسحبوا من الدراسة قبل نهاية الاختبار بعد أن وجدوا صعوبة كبيرة للمضي به. في المقابل انسحب مشارك واحد من المجموعة "السريعة". لكن بورسيل تحذر من الحمية المنحفة السريعة جداً والتي يطلق عليها اسم "كراش دايت". فهي ترتكز على حرمان النفس من وحدات حرارية كثيرة. وتنبه قائلة "لا تمضوا بحمية (سريعة) من تلقاء أنفسكم، واستشيروا اختصاصي تغذية". ولا تقدم الدراسة توقعات حول الفترة التي تتبع خسارة الوزن، لكن عدداً كبيراً من الأطباء واختصاصيي التغذية يقولون إن الأشخاص الذين يخسرون كيلوغرامات بسرعة هم أكثر عرضة لاستعادتها. لذا تعمد اختصاصية التغذية إلى مراقبة مجموعتيها، على أن تخرج بنتائج دراستها هذه بعد ثلاث سنوات. إعادة اكتساب الوزن لكن المعهد الهولندي الوطني للصحة العامة والبيئة أجرى دراسة تتناولت الصلة ما بين كمية الكيلوغرامات التي يخسرها المرء وبين احتمال استعادته للوزن الذي خسره في وقت لاحق. وبحسب هذه الدراسة، فإن 54% من الذين خسروا وزناً تمكنوا من الحفاظ على ما خسروه طوال العام الذي تلا ذلك، بغض النظر عن الوزن الذي خسروه. إذاً، يبدو أنه "كلما خسرنا وزناً في البداية كلما حافظنا على ما تمت خسارته"، على ما يقول الباحث الهولندي جيروين بارتي. وبالتالي فإنه "من الضروري تشجيع خسارات الوزن التي تأتي بنسبة 10% لأن نتائجها تكون أفضل بعد عام"، بحسب ما يؤكد بارتي الذي يرى أن هذه الدراسة "تدحض الاعتقادات السائدة". ويضيف أنه لا بد من القيام بدراسات "لتحديد الأهداف القصوى لخسارة الوزن والخروج بأفضل الممارسات التي تضمن أفضل متابعة لتلك الخسارة". لكن على الرغم من كل ما سبق، تمضي بورسيل بتأييدها للحمية الغذائية طويلة الأمد، كونها تؤدي إلى تغيير عميق في أسلوب العيش. فالباحثون يتفقون على أن أسلوب العيش والعادات الغذائية تشكل عوامل أساسية في ما خص البدانة أو السمنة الزائدة. كثيرون يركزون على حجم حصص الطعام ومكافحة تسويق المواد الغذائية بطريقة "هجومية"، وإعادة تصنيع الأطعمة مع التخفيف من كميات الملح أو السكر، بالإضافة إلى الإعلان عن عدد الوحدات الحرارية في قائمات الأطعمة. لكنه وقبل التركيز على الحميات المنحفة "لا بد من تغيير ثقافي"، بحسب ما يشدد بروس سيلفرغلايد رئيس المنظمة غير الحكومية "إياكفو"، والتي تعنى بشؤون مستهلكي الأغذية.