الراتب "الضخم" للبلجيكي غيرتس يثير استياءً واسعاً في المغرب. شكل راتب المدرب البلجيكي إيريك غيريتس الذي تعاقد معه الاتحاد المغربي لكرة القدم أخيرا قضية رأي عام أثارت الكثير من الجدل في البرلمان المغربي وفي الأوساط الرياضية وبعض فعاليات المجتمع التي رأت ذلك الراتب "مبالغا" فيه بشكل كبير. وقدم حزب العدالة والتنمية المعارض سؤالا عاجلاً للحكومة حول حقيقة وخلفيات تعاقد اتحاد الكرة مع مدرب الهلال السعودي، معتبرا أنه راتب ضخم، وكان الأجدر بالحكومة أن تستغله في الاهتمام بالقاعدة الرياضية في البلاد من خلال بناء مراكز التكوين وتأهيل اللاعبين وصناعة الأبطال. ورفض وزير الرياضة المغربي، عند رده على تساؤلات النواب البرلمانيين، الكشف عن قيمة راتب المدرب البلجيكي لكنه بالمقابل اعتبره دون ما أعلنت عليه الصحف ووسائل الإعلام المغربي من كونه يناهز 250 ألف يورو شهريا أي حوالي 3 مليون يورو سنويا. أغلى مدرب بعد كابيلو ويعتبر هذا الراتب الذي أعلن عنه المدرب نفسه قبل أسابيع قليلة مبلغا ضخما يجعل من غيريتس ثاني أغلى مدرب في العالم بعد الإيطالي فابيو كابيلو مدرب المنتخب الإنكليزي الذي يحصل على 8 ملايين يورو سنويا، ويتساوى غيريتس مع مدرب المنتخب الإيطالي "مارسيلو ليبي" لكن بحساب الشرط الجزائي الذي سيسدده الاتحاد المغربي لكرة القدم لفريق الهلال السعودي مقابل فسخ العقد يكون المدرب البلجيكي هو ثاني مدرب في العالم من حيث قيمة الراتب. ووصف عبد الجبار قصطلاني، النائب البرلماني من فريق العدالة والتنمية، راتب إيريك غيريتس بأنه ضخم و مبالغ فيه لكون رواتب المدربين السابقين للمنتخب المغربي لم تصل إلى قيمة راتبه، مضيفا أنه أكبر من جميع الرواتب مجتمعة لسائر المدربين الذين تعاقبوا على الإشراف على الفريق المغربي لكرة القدم منذ استقلال البلد. ومعلوم أن أعلى راتب كان يتقاضاه المدرب الفرنسي الشهير روجي لومير الذي كان يتسلم نحو 45 ألف يورو شهريا، يليه المدرب كويلهو ب 41 ألف يورو شهرياً، ثم المدرب الفرنسي هنري ميشيل بحوالي 25 ألف يورو، في حين أن أغلى مدرب مغربي أشرف على تدريب المنتخب كان هو بادو الزاكي بحوالي 30 ألف يورو. وأكد النائب البرلماني أن الراتب الكبير لمدرب المنتخب المغربي يتضمن نوعا من عدم الاحترام للكفاءات المغربية التي أشرفت على تدريب الفريق في ما قبل وحقق بمعيته نتائج حسنة، مشيرا إلى أن إصلاح كرة القدم بالبلاد لا يكون بالضرورة بالتعاقد مع مدرب بهذا الراتب الخيالي. وشرح قصطلاني بأن إصلاح الكرة بالمغرب والرقي بمستواها يمر أساسا من تخصيص مثل هذه المبالغ المالية في تشييد مراكز للتكوين الرياضي وصناعة الأبطال وتأهيلهم، بدءا من القاعدة من خلال العمل الجاد والمستمر بعيدا عن الحلول الموسمية التي ترى في أزمة الكرة مجرد مشكلة في اختيار المدرب المناسب. ورفض منصف بلخياط وزير الرياضة الإفصاح عن قيمة راتب المدرب البلجيكي بدعوى أن العقد شريعة المتعاقدين، مشيرا إلى أن "قوانين الفيفا والمقتضيات الوطنية تمنع على الحكومات التدخل في عمل الاتحادات الكروية" على حد تعبير المسؤول الحكومي. إجرام في حق الشعب وعبر محمد المسكاوي، رئيس الهيئة الوطنية لحماية المال العام، عن استنكاره لحديث وزير الرياضة بخصوص منع أنظمة "الفيفا" للحكومات التدخل في عمل اتحادات الكرة، مضيفا أن هذه الذريعة مجرد "هرطقة" لكون التعاقد مع مدرب لمنتخب المغرب يعتبر قرارا يدخل ضمن السيادة الوطنية. ووصف المسكاوي في حديثه ل"العربية.نت" راتب المدرب البلجيكي بأنه حرام وإجرام في حق الشعب المغربي، حيث كان من الأجدى دعم الطبقات الفقيرة وتخصيص مناصب لتشغيل العاطلين، أو على الأقل دعم فرق الأحياء والرياضة المدرسية حتى يتم إيجاد منتخب لكرة القدم في مستوى تطلعات الجماهير. وأضاف المتحدث بأن الراتب الكبير للمدرب الجديد يشير إلى عدم وجود إرادة سياسية واضحة لدى المسؤولين لوقف أساليب نهب المال العام وتبذيره خاصة أن المغرب في قانون ماليته للعام المقبل يعتزم سن سياسة للتقشف بسبب قدراته المالية الراهنة و تفاقم عجز الميزانية. وفي هذا الظرف الدقيق تحديدا، يردف المسكاوي، يأتي المسؤولون بمدرب يتقاضى راتبا أكثر مما يتقاضاه جميع وزراء البلاد فضلا عن امتيازات السكن الفاخر والنقل وغيرهما، وهو الأمر الذي يعد تبذيرا للمال العام كان من الأفيد تخصيصه لتحسين البنية التحتية الرياضية في المغرب. وختم المتحدث بأن الهيئة الوطنية لحماية المال العام كانت قد نبهت منذ فضيحة المدرب الفرنسي الأسبق فيليب تروسيي إلى خطورة الوضع الرياضي بالمغرب من خلال ما يستنزفه من مالية عامة تذهب سدى دون تحقيق نتائج جيدة للفريق المغربي من طرف هؤلاء المدربين.