كان كل اهتمام قائد ثورة 23 يوليو المصرية اللواء محمد نجيب بعد سجنه في فيلا الوكيل التي اختارها له رفقاء الثورة الذين كان يعتبرهم أبناء له، وضع نفسه في مقدمة المدفع حتى يحميهم، فكانوا هم أول من طعنه في ظهره بعد أن استتب لهم الأمر وتسلموا السلطة في مصر، كان همه هو أن يعرف، حتى لو سلم بالحق في إقالته كرئيس وقائد لثورة يوليو، عن السبب في ظلمه وإساءة التعامل معه!! *** كان نجيب يتساءل دائماً: « ماذا جنيت حتى يفعلوا بي كل هذا ، قاصداً رجال الثورة. فعلى عكس التعامل مع الملك المخلوع الذي وُدِّع بكل مظاهر التكريم والرعاية والاحترام، وسمح له بأخذ أشيائه الخاصة والشخصية، لم يحافظ زملاؤه في الثورة – ضباط مجلس الثورة – على الأصول والتقاليد، وهو الذي حمل رأسه على كتفه ليلة الثورة فداء لمصر وللثورة، تعاملوا معه كأنه لص أو مجرم شرير .. ولم يحترموا سنَّه ولا رتبته ولا مركزه ولا دوره في الثورة.. . *** وإذا كان هناك من حكمة نستخلصها من سيرة اللواء نجيب فهي كيف تأكل الثورات رجالها، وكيف أن من يتمكن من إحكام رباط البوت، أو البسطار العسكري على قدميه يدين له الحكم ويتفرد بالسلطة دون رفاقه الذين يعمل على التخلص منهم فرداً .. فرداً، لتخضع له كل الأحذية .. ويُصبح حذاؤه هو الحذاء الأكبر بين أحذية كافة العسكر. #نافذة: أكلت ثورة يوليو 1952 في مصر بعض أبنائها، ولكنها استفتحت بأكل والدها وقائدها الذي وضعه ضباط الثورة الصغار – آنذاك – في فم المدفع ليكون أول من يُضحى به إذا ما فشلت ثورتهم!