الأم .. قالت : توفي والدي وأنا بعمرٍ صغير وعندما بلغت خمسة أعوام وعيت على معنى كون ليس لي أب , فبدأتُ أتساءل عن أبي بغضبٍ طفولي ,فأخبرتني أمي أنه توفيّ وأنا في المهد, و لتهدئ من حزني وبكائي قالت : إن والدكِ داخل جهاز الراديو . تقول صديقتي هذه : وصلت لعمر عشرة أعوامٍ وأنا أستمع لراديو على أن الرجل الذي يتحدث به هو : صوت أبي .. و صورة أبي .. وقلب أبي ! عناد .. عندما أتى من السوبر ماركت لم تجد طلباتها إلا ناقصة , صرخت بوجهه أن تذهب الآن مرةٍ أخرى وتحضر النواقص , ذهب ليلبي طلبها , وأكمل نواقصها ورغبتها , وعند طريق عودته دهسته سيارة مسرعة من مراهقٍ متهور ومات , كان هذا أخاها الذي لا يتجاوز عشرةِ أعوامٍ قد قادته لحتفه ! إحسان .. ضاقت بهم السبل , بارتفاع الإيجار , وتراكم الديون من كل حدبٍ وصوب , فحدتهم الدنيا على السكن في منزلهم الذي لم يكتمل تشطيبه , من دون أبواب , ولا نوافذ ,ولا نور .. وبعد ثلاثِ أيام تفاجأ بمؤسسة أمام منزله تطرق أعتاب أبوابه لتركيب الأبواب والنوافذ , والكهربائيين محملين بأدوات الكهرباء لتركيب أنوار المنزل "الجار للجار" إلى امرأة مكتئبة : سأحكي لكِ قصة : عندما كنت طفلة ذات نهار خرجت للفناء فوجدت عصفوراً لا يطير حملته ووضعته في قفصٍ ثم سكبت له الماء وقليل من الحب وأحكمت إغلاق باب القفص حتى لا يطير , كنت سعيدةٍ جداً بهذا العصفور واهتمامي به كان مبالغاً لحدٍ ما , حتى مكان القفص جعلته موازياً لنافذة مطلة على حديقة المنزل , كنت اعتقد أنني أُحسن إليه النظر فيما يبهجه من شجرٍ وزهر , وفي آخرِ النهار وجدته هامداً لا حراك له قد مات ! قيسي هذه القصة على حياتكِ ,وأسألكِ الآن : بربكِ من علمني سجن العصافير !
*نبض يا أمي : وجود النقيضين في الحياة حياة ..! . بقلم أ. صباح بنت علي الأسمري صحيفة نجران نيوز الالكترونية