عرف علماء الإسلام مصطلح الصحابي فقال ابن حجر في كتابه الشهير: "الإصابة في تمييز الصحابة" ص 1/353 ، وفي كتابه الآخر: "نخبة الفكر في مصطلح أهل الأثر" ص 52 الصحابي هو: (( من لقي الرسول صلى الله عليه وآله وسلم مؤمناً به، ومات على الإسلام )) والصحبة شرف عظيم ومنزلة رفيعة ومكانة سامية وقد زكى علام الغيوب الصحابة في القرآن الكريم في أكثر من آية قال تعالى في سورة [الفتح :29] : {مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً } وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه كما جاء في مسند الإمام أحمد ح (3600 ) : «إن الله نظر في قلوب العباد، فوجد قلب محمد صلى الله عليه وسلم خير قلوب العباد، فاصطفاه لنفسه، فابتعثه برسالته، ثم نظر في قلوب العباد بعد قلب محمد، فوجد قلوب أصحابه خير قلوب العباد، فجعلهم وزراء نبيه، يقاتلون على دينه، فما رأى المسلمون حسنا، فهو عند الله حسن، وما رأوا سيئا فهو عند الله سيئ» وقال ابن مسعود أيضاً في وصف الصحابة رضي الله عنهم كما جاء في بيان العلم وفضله لابن رجب : (إنهم كانوا أبر هذه الأمة قلوبا ، وأعمقها علما ، وأقلها تكلفا ، وأقومها هديا ، وأحسنها حالا ؛ قوما اختارهم الله لصحبة نبيه صلى الله عليه وآله وسلم ، وإقامة دينه ، فاعرفوا لهم فضلهم ، واتبعوهم في آثارهم ، فإنهم كانوا على الهدى المستقيم ). هذا وصف الصحابة ومنزلتهم فمن ياتُرى نال هذا الشرف العظيم من سلف قبيلة يام ؟ لم أجد- على حد علمي واطلاعي – من ثبت أن له صحبة من قبيلة يام إلا رجلين فقط، وهما:- 1- كعب بن عمرو اليامي -رضي الله عنه- : وقد ترجم له المزي في تهذيب الكمال : ج24/ص184، فقال: (( كعب بن عمرو، ويقال عمرو بن كعب بن حجير بن معاوية بن سعد بن الحارث بن ذهل بن سلمة بن دؤل بن جشم بن يام اليامي، جد طلحة بن مصرف يقال: له صحبة ، روى ليث بن أبي سليم عن طلحة بن مصرف عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في الوضوء …وروى له أبو داود، وقال: سمعت أحمد بن حنبل يقول: ابن عيينة زعموا كان ينكره ويقول: إِيش هذا طلحة عن أبيه عن جده)) فكعب بن عمرو أو عمرو بن كعب بن حجير الذي ينتهي نسبه إلى جشم بن يام هو جد طلحة بن مصرف اليامي، وهو مختلف في صحبته للرسول صلى الله عليه وآله وسلم ، فقد ذكره الإمام ابن حجر في كتابه المشهور "الإصابة في تمييز الصحابة ": ج5/ص607، وعده في القسم الأول من كتابه الذي خصصه لمن ثبت لديه أنهم صاحبوا الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ، وكذلك ابن حبان في كتابه الثقات: ج3/ص353 قال: له صحبة وهو جد طلحة بن مصرف اليامي.، وكذلك ابن حجر في تقريب التهذيب: ج1/ص461 ، والنووي في تهذيب الأسماء: ج2/ص377، وقال ابن عبد البر في الاستيعاب: ج3/ص1322: (( له صحبة ومنهم من ينكرها ولا وجه لإنكار من أنكر ذلك)) وأورد له أبو داود حديثاً واحدا ً في سننه: ج1/ص32 في صفة الوضوء فقال : ((حدثنا محمد بن عيسى ومسدد قالا حدثنا عبد الوارث عن ليث عن طلحة بن مصرف عن أبيه عن جده قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يمسح رأسه مرة واحدة حتى بلغ القَذَالُ وهو أول القفا وقال مسدد ومسح رأسه من مقدمه إلى مؤخره حتى أخرج يديه من تحت أذنيه، قال مسدد فحدثت به يحيى فأنكره )) فكعب بن عمرو يصرح أنه رأى الرسول صلى الله عليه وآله وسلم رؤيا عين وهذا دليل على أنه لقي الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ولم تنقل لنا المصادر غير ذلك وروى الحديث الطبراني في المعجم الكبير: ج19/ص180 . أما الصحابي الثاني فهو 2- مصرف بن كعب بن عمرو اليامي الكوفي -رضي الله عنه- أبو طلحة بن مصرف، وروى حديثه طلحة بن مصرف عن أبيه عن جده ، وهو الحديث المتقدم الذي رواه أبو داود والطبراني في صفة الوضوء .وقال أبن أبي حاتم الرازي في كتاب الجرح والتعديل 8/420 : قيل له صحبة – أي مصرف – ، وعده ابن حبان من الثقات في كتابه الثقات 9/207 . إذاً من ذُكر في كتب الحديث وكتب الرجال أن لهم صحبة هما كعب بن عمرو اليامي و ابنه مصرف فقط ، ومروياتهما لم تكن في الصحيحين ( البخاري ومسلم) ، ولعل سبب عدم نيل أكثرهم شرف صحبة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم يعود – في نظري- إلى كون موطنهم وديارهم آنذاك في اليمن بالقرب من مدينة صنعاء، فهم بعيدون عن موطن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ، ولربما تأخر إسلامهم أيضاً كان حائلاً دون صحبة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم .إلا أنهم كغيرهم من قبائل همدان عوضوا ذلك بنصرة الحق نصرة علي بن أبي طالب رضي الله عنه في حروبه مع الخوارج والبغاة وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في منهاج السنة : 6/137:إن همدان أخص الناس بعلي رضي الله عنه . وهناك من ينسب الصحابي الجليل عمار بن ياسر -رضي الله عنه- إلى قبيلة يام الهمدانية وهذا خطأ فإنه ينسب إلى يام بن عنس المذحجي كما أجمع على ذلك علماء السير والأنساب والتاريخ ( انظر أسد الغابة في معرفة الصحابة لأبن الأثير (4/ 122) وتاريخ بغداد ت بشار (1/ 487) وهي غير يام بن أصبأ الحاشدية الهمدانية والموضوع يحتاج مزيدا من البحث وحسبي أني بذلت الجهد وفتحت الباب ونسأل الله تعالى الإخلاص والتسديد. . بقلم د . مسفر سعيد لسلوم عميد شؤون المكتبات بجامعة نجران