لو كان الدكتور كارل ديزيروث مهندسا معماريا ربما استبدل الجدران المبنية من الحجر أو الطوب بزجاج من الأرض إلى السقف لبناء منازل شفافة. لكن لأنه عالم أعصاب بجامعة ستنافورد فقد فعل المكافئ البيولوجي لذلك حيث ابتكر تقنية لجعل الدماغ شفافا وهو تطور معرفي يتوقع أن يعطي الباحثين صورة أصح للمسارات التي ترتكز عليها كل من الوظائف العقلية الطبيعية والأمراض العصبية من التوحد إلى الزايمر. وفي الحقيقة فإن أول دماغ بشري فسر العلماء ألغازه كان لمريض بالتوحد. وذكر ديزيروث وزملاؤه في النسخة الالكترونية لدورية نيتشر Nature يوم الأربعاء أنهم طوروا طريقة لإحلال “هلام مائي” وهو مادة مشابهة للتي تستخدم في العدسات اللاصقة محل النسيج غير الشفاف في أدمغة مأخوذة من فئران تجارب أو من أناس متبرعين للبحث العلمي. والنتيجة هي أدمغة شفافة كشف ما بداخلها بطريقة لا يمكن لأي تقنيه حالية أن تفعلها. فالهياكل الكبرى مثل الحصين تظهر بنفس وضوح الأعضاء في سمكة شفافة بل يمكن أيضا رؤية الدوائر العصبية والخلايا. يأتي ذلك الإعلان بعد أسبوع فقط من إعلان الرئيس الامريكي باراك اوباما عن مبادرة قيمتها 100 مليون دولار لفحص الدماغ تعطي أملا في أن على الأقل بعض التطورات التكنولوجية التي يتصورها المشروع باتت في المتناول. ووصف عالم الاعصاب وليام نيوسم الذي يشارك في قيادة مباردة اوباما تقنية الهلام المائي بأنها “ابتكار تكتنولوجي كبير” من شأنه أن “يسرع عملية وضع مخطط الرسم البياني للدماغ.” وقال إن وضع هذا الرسم “هدف ضروري لعلم الاعصاب وسيكون محورا مهما” لمشروع أوباما. والطريقة الوحيدة حتى الآن لتتبع الوصلات العصبية هي تقسيم الدماغ الى شرائح رقيقة للغاية وفحص كل شريحة على حدة تحت مجهر لرسم الخلايا ثم استخدام كمبيوتر لإعادة تجميع الشرائح فعليا من أجل كشف الدائرة بأكملها. لكن تقطيع المخ إلى شرائح يشوه الأنسجة ويجعل من الصعب رسم الوصلات الطويلة. وقال ديزيروث إن علماء الأعصاب كانوا يحلمون منذ فترة طويلة بدراسة الدماغ سليما. وأضاف “هذا من شأنه أن يتيح فرصة أفضل لرسم وصلات عبر مسافات كبيرة وهو ما سيساعد في تحديد العلاقة بين الهيكل والوظيفة.”