شُيدت القرية التراثية لمنطقة نجران على مساحة تقدر بأكثر من 10,000 متر مربع على أرض المهرجان الوطني للتراث والثقافة بالجنادرية صممت لتضم نماذج من البيوت النجرانية الطينية التي يتقدمها الدرب والمشولق والمقدم التي كان لكل منها عبقه وأصالته وعراقته التاريخية الضاربة في عمق الحضارة التي تحتفظ بها المملكة على مر الأزمنة ولها استخدامات متعددة سواء من حيث السكن أو طريقة البناء أو تعدد الأدوار . ويلبي الزائر للقرية شغفه من خلال التنقل بين الحرف اليدوية التي يقدمها السوق الشعبي بها حيث يقوم خلاله الحرفيون بمزاولة حرفهم من خلال السوق وأمام الزوار ، كما أن هناك ركن الأخدود المميز بالقرية يتم من خلاله التطرق للجوانب التاريخية عن نجران من خلال المعروضات والمعلومات المكتوبة والعروض المرئية ، إضافة إلى ركن لجوانب الثقافة والفنون ، كما خصص حيز لأداء الألوان الشعبية النجرانية في ساحة القرية وبيت شعر ومطعم وصالة لإستقبال الزوار الرسميين . وأوضح مدير العلاقات العامة بإمارة منطقة نجران رئيس وفد نجران المشارك في الجنادرية إبراهيم بن حسين آل سدران في مجمل حديثه حول مباني القرية التراثية لمنطقة نجران أن مبنى الدرب بالقرية يتكون من عدد من الطوابق تصل حتى سبعة أدوار مبني من الطين مع استخدام الأخشاب والجريد في الأسقف ، وكان يستخدم طابقه الأرضي مخزن للأعلاف واستخدامات أخرى والأول كمستودع للمواد الغذائية كالحبوب وخلافه ، والثاني حتى السادس كمجالس وغرف للنوم وقد يسكن الدرب أكثر من عائلة ، فيما يستخدم الطابق السابع والأخير كمطبخ حيث كان الحطب هو الوسيلة الوحيدة للطبخ ويضم هذا الدور غرفة “الخارجة” . وبين أن مبنى المشولق يعد من أقدم المباني في منطقة نجران وهو الأكثر انتشاراً ويتكون من طابقين إلى ثلاثة طوابق وغرفة على السطح ويأخذ شكل حرف “L” مع كسرة في الأمام وتطل جميع غرفه على المدخل وذلك للرقابة والإشراف على مدخل المبنى ويستخدم الطابق الأرضي منه كمخزن وبعض الاستخدامات الأخرى والأول والثاني للسكن والضيافة والثالث والأخير كمطبخ إلى جانب مبنى المقدم الذي يبنى على شكل حرف “U” ويتكون من ثلاثة طوابق وحوش ويستخدم الطابق الأرضي منه كمجالس وغرف للتخزين والأول كمجالس وغرف للنوم والثاني كمطبخ وبعض الاستخدامات الأخرى . وأفاد أن منطقة نجران تزخر بصناعات يدوية كانت تلبي حاجات الأهالي بشكل كامل كالأدوات المنزلية والملابس والمصنوعات الجلدية وفرش البيوت وغيرها من الاحتياجات وبعض هذه الصناعات التي لا تزال تصنع حتى اليوم وخصص لها سوق شعبي في المنطقة .. وخلال المهرجان يتم مزاولة العديد من الحرف اليدوية في السوق الشعبي بمقر القرية التراثية لمنطقة نجران مثل صقل الجنابي والخناجر والخرازة وصناعة سلال الجنابي والحدادة ونجارة الصحاف والشراحة وصناعة الخصف ورباب الدلال وصناعة الميضاف وخياطة الملابس الرجالية والنسائية التراثية وصياغة الفضة وعرض التراث والحياكة وصناعة المكانس وفتل الحبال ودباغة الجلود وصناعة الطبول . من جانبه .. بين مدير جمعية الثقافة والفنون بمنطقة نجران محمد بن ناصر آل مردف أن الفنون الشعبية بنجران تعكس ذوق وعادات وتقاليد المجتمع حيث تتنوع ويختلف أداؤها ومسمياتها فبعضها يعتمد على اللحن فقط وبعضها على اللحن والإيقاع وتؤدى في مناسبات عديدة كالزواج والختان والأعياد ومن أبرزها الزامل الذي يعد أحد الفنون الشعبية التي تؤدى في جميع المناسبات بحيث لا تقتصر على الأفراح وإنما تشمل مناسبات التوسط في حل الخلافات التي تنشأ بين القبائل والأفراد وما شابهها ويؤدى دون استخدام الإيقاعات عندما تقوم مجموعة من الناس فور وصولها إلى مكان المناسبة بترديد بيتين من الشعر يحملان في معناهما تفسيراً لسبب قدومها من خلال لحن معين ويُستقبل القادمون من قبل مجموعة أخرى تقوم بترديد بيتين أيضاً من الشعر بنفس اللحن ترد على الوافدين وتحمل الأبيات عادة في معناها الترحيب أو الاستعداد لتحقيق طلب المجموعة الوافدة عندما تتعلق المناسبة بحل خلاف وربما يكتفى بالترحيب دون الرد بأبيات شعرية تكمن أهمية هذا اللون في كونه يعد البداية لأي مناسبة أياً كان نوعها . ويؤدى لون الرزقة من الفنون الشعبية التي تشتهر بها منطقة نجران بدون إيقاعات بواسطة مجموعة من الناس تنقسم إلى صفين متقابلين يتناوبان على ترديد أبيات من الشعر بينما يتحرك كل صف بشكل راقص في اتجاه الصف الآخر تارة وإلى الخلف تارة أخرى ويتخلل ذلك رقصات في الوسط لشخصين من وقت إلى آخر وهناك فن المرافع أو لعبة الطبول ويعد هذا اللون من أكثر الألوان شعبية في المنطقة ويجمع بين اللحن والإيقاع ويؤدى بواسطة مجموعة من الناس يقومون بالرقص بنفس أسلوب الرزقة مع ترديد الأبيات الشعرية بألحان مختلفة وإيقاعات عديدة راقصة بواسطة الطيران والطبول . فيما تشتهر محافظة شرورة بمنطقة نجران بأداء لون الشرح الشعبي في العديد من المناسبات ولا تستخدم فيه الطبول وهناك أيضاً لون المثلوثة الذي يعد أحد الألوان الشعبية في المنطقة وتشتهر به محافظة بدر الجنوب ومحافظات المنطقة الشمالية وله لحن مميز وينتظمون من يؤدوا هذا اللون على شكل دائرة ويتواجد في الوسط شخص لأداء بعض الأدوار وتوجيه أعضاء هذا اللون لأداء حركات إيقاعية جميلة . كما ترصد القرية التراثية لمنطقة نجران عبر ركن الأخدود ما مر به موقع الأخدود من فترات تاريخية مختلفة من الوثنية إلى اليهودية إلى النصرانية إلى الإسلام وما مرّت به من أحداث. الجدير بالذكر أن منطقة نجران شاركت في مهرجان الجنادرية منذ انطلاقته الأولى في عام 1405ه من خلال فرقة شعبية أدت عدد من الأولون وقدمت خلالها الحرف اليدوية ومعرض تم بواسطته عرض مقتنيات مختلفة وكانت المشاركة بشكل متواصل ومنذ تولي صاحب السمو الملكي الأمير مشعل بن عبدالله بن عبدالعزيز أمير منطقة نجران مهام عمله كان من اهتماماته العمل على إنشاء قرية تراثية للمنطقة على أرض الجنادرية فأولى سموه هذا الجانب اهتماماً كبيراً وكلفت عدد من اللجان لوضع تصورات للمشروع وعقد سموه عدداً من الاجتماعات ثم تمت عملية ترسية المشروع وبدأ العمل حتى تم الانتهاء منه ليتم افتتاحه في دورة المهرجان ال 28 ، وتستقبل القرية الآن مرتادي المهرجان طيلة فترة فعالياته حيث يجد الزائر في أروقة القرية الشيء الكثير عن منطقة نجران وحضارتها التاريخية .