استخدمت روسيا والصين حق النقض "الفيتو" للمرة الثالثة منذ اندلاع الأزمة السورية، من أجل إفشال مشاريع قرارات في مجلس الأمن تتناول النظام في دمشق، ليسقط بذلك مشروع كان يرمي لوضع خطة انتقال سلمي للسلطة تحت الفصل السابع، وقد وجه المندوبون الغربيون انتقادات قاسية لموسكو وبكين، وحملوهما مسؤولية استمرار القتل. وقال المندوب البريطاني في مجلس الأمن، إن القرار "كان يهدف لخفض العنف وإفساح المجال أمام عملية سياسية تسمح ببيئة ملائمة لمهمة بعثة المراقبة." وشدد المندوب البريطاني على أن الهدف من إدراج القرار تحت الفصل السابع كان "الإيضاح لجميع الأطراف أن عليهم الالتزام بمسؤولياتهم،" نافياً هواجس موسكو حول إمكانية استخدامه لشن عمل عسكري ضد دمشق، قائلاً إنه قد سبق استخدامه في حالة السودان دون أن يتطور ذلك إلى عمل دولي مسلح. وأعرب المندوب البريطاني عن أسفه لقرار روسيا والصين، خاصة وأن الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، والمبعوث الدولي والعربي حول سوريا، كوفي عنان، كانا قد شدداً على ضرورة سحب الأسلحة الثقيلة التي تستخدمها القوات السورية، وتنفيذ البند الأول من مبادرة "النقاط الست" (الخاصة بعنان). كما ندد المندوب بمواقف روسيا والصين بعد موافقتهما في جنيف على الخطة الدولية، ثم اللجوء إلى الفيتو في مجلس الأمن، وقال: "عند التنفيذ اختارا (موسكو وبكين) عدم الانتقال إلى الأفعال وهذه التبريرات غير منطقية." وانتقد المندوب البريطاني المشروع الذي اقترحته روسيا في مجلس الأمن، والذي كان يسعى لتمديد عمل البعثة، واعتبر أن هذه الخطوة "غير مجدية" بسبب الوضع الذي يمنع البعثة من عملها. وختم المندوب بالقول: "روسيا والصين اليوم خذلتا الشعب في سوريا، وأعاقا جهود غالبية الدول في هذا المجلس، وأهدافهما هي حماية النظام الفتاك، وقد وضعا مصالحهما فوق مصلحة الشعب السوري، ونتيجة خطوتهما هي الانزلاق نحو الدماء وحرب أهلية شاملة." أما المندوب الفرنسي، فندد بدوره بمواقف روسيا والصين، وقال إنهما تريدان "تقديم المزيد من الوقت لنظام الأسد من أجل الفتك بالناس،" واعتبر أن "الفيتو" المستخدم الخميس "يقضي على الجهود المستمرة منذ أشهر من أجل التوصل إلى حل سلمي، دون أن تكون هذه الجهود مفتوحة زمنياً." ورأى المندوب الفرنسي أن "التاريخ سيثبت أن ما قامت به روسيا والصين هو خاطئ،" وشدد على أن باريس "ملتزمة بالعمل مع من يشاركوها قيمها من أجل ضمان تطلعات الشعب السوري ووقف العنف وأن يقدم مرتكبو الجرائم إلى العدالة،" وشدد على أن بلاده "لن تترك سوريا تواجه الجرائم بمفردها." أما مندوب ألمانيا، فدعا القيادات السورية إلى الانشقاق عن نظام الرئيس السوري، بشار الأسد، الذي قال إن أيامه باتت معدودة، وإن كان الشعب نفسه يعيش حالياً أياماً صعبة. من جانبه، رد المندوب الروسي على اتهامات الدول الغربية، فقال إنه رغم الانتقادات الموجهة لبلاده غير أنها مازالت تدعم المبعوث العربي والدولي، كوفي عنان، وخطته لحل الأزمة في سوريا. وأضاف المندوب الروسي أن مشروع من النوع المقدم لن يمر" في المجلس، وأضاف: "بدل وضع مشروع لحل الأزمة في سوريا وفقا لمؤتمر جنيف حاول أصحاب هذا المشروع إثارة صراع في مجلس الأمن والمشروع كان منحازاً والعقوبات وضعت حصرياً ضد الحكومة." ورأى المندوب الروسي أنه من المهم لمجلس الأمن أن يقوم بتمديد عمل بعثة المراقبة الدولية الموجودة حالياً في سوريا، وقال إن بلاده تدعم ذلك. أما المندوبة الأمريكية في المجلس، فبدأت كلمتها بالقول إن الفيتو الثالث من روسيا والصين "هو الأكثر تدميرا على الإطلاق من بين الحالات السابق،" وشددت على أن مشروع القرار "لم يكن يمهد لتدخل عسكري،" ورأت أنه من المعيب أن يعجز مجلس الأمن عن "اعتماد القرار الذي كان بإمكانه تقديم الدعم السياسي لبعثة المراقبين الدوليين." ولفتت المندوبة الأمريكية إلى أن تقارير عنان وكي مون ذكرت بأن النظام السوري مازال يستخدم الأسلحة الثقيلة والاعتقالات وزاد من استعمال الدبابات والمروحيات، وأضافت أن احتمال استخدامه الأسلحة الكيماوية "أمر مقلق وقد صعد النظام هجماته على النساء والأطفال." وبحسب المندوبة، فإن بعثة المراقبة "قامت بما عليها بشجاعة في ظل ظروف خطيرة،" ورأت أن مسؤولية وضع البعثة الحالي "يقع على عاتق نظام الأسد والدول الموجودة في هذا المجلس والتي تقف إلى جانبه، وهي على خلاف مع تطلعات الغالبية العظمى من الشعب السوري." واعتبرت المندوبة الأمريكية أن العالم أضاع الكثير من الوقت في السابق، وأضافت: "نحن والشعب السوري لا يمكن أن نتحمل إضاعة المزيد من الوقت، حدث الأربعاء (تفجير دمشق) يشير إلى أن وضع سوريا سيواصل التدهور إذا لم يحصل شيء في مجلس الأمن... يأمل العالم أن يغير الروس والصينيون موقفهم قبل سقوط المزيد من القتلى." من جانبه، رد المندوب السوري، بشار الجعفري، قائلاً إن سوريا كانت تتوقع من مجلس الأمن الانخراط الجدي بمساعدتها "بعد أن بلغ سن الحكمة عند 67 سنة،" وقال إن جلسات المجلس "تتزامن بشكل مشبوه مع أعمال إرهابية غادرة طالت الكثير من الأبرياء وكوادر الشعب السوري، وقد وقعت مجازر روعت السكان مع كل اجتماع." وانتقد الجعفري عدم إصدار مجلس الأمن بيانات للتنديد بتفجير دمشق، ورأى أن نجاح خطة عنان يتطلب ضغطاً على الجماعات المسلحة، واتهم بعض الدول ب"التدخل في الشأن السوري وجعل نفسها جزءا من الأزمة،" كما نفى أن تكون بلاده بصدد استخدام السلاح الكيماوي، قائلاً إن الهدف من هذه المعلومات هو تأليب الرأي العام الدولي.