مع رحيل ولي العهد السعودي، الأمير نايف بن عبد العزيز، وصدور أمر ملكي الأثنين بتعيين الأمير سلمان بن عبد العزيز خلفاً له، أُثيرت بعض التساؤلات حول مدى التغييرات التي قد تمتد إلى "أجندة" ملفات العمل المختلفة في المملكة، سواء داخلياً أو خارجياً، خاصةً وأن منصب ولي العهد في المملكة يحمل معه الكثير من الالتزامات والمسؤوليات على عاتق من سيشغله. ونظراً لأن المملكة السعودية لعبت، ومازالت تلعب دوراً محورياً في كثير من القضايا الإقليمية، خاصة في محيطها الخليجي، فإن تلك التساؤلات امتدت إلى مدى احتمال أن تغير الرياض من موقفها إزاء جارتها الخليجية إيران، ذات الأغلبية الشيعية، والتي يتهمها مسؤولون سعوديون بأنها "تؤلب" الأقلية الشيعية في المملكة، وفي دول عربية خليجية أخرى، ومنها مملكة البحرين، التي تشهد اضطرابات تحركها جماعات سياسية شيعية. كما تطرقت التساؤلات إلى ملف الإصلاحات السياسية والاقتصادية الواسعة، التي أطلقها العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز، في ظل تزايد نسبة البطالة في المملكة، أكبر مصدر للنفط في العالم، وكذلك في ظل تصاعد القلق من عودة نشاط الجماعات المسلحة، كتنظيم "القاعدة"، ومدى ما يمكن أن يطرأ على تلك الملفات، بعد اختيار الأمير سلمان، وزير الدفاع، ليخلف الأمير نايف، في ولاية العهد. الدكتور عبد العزيز بن صقر، رئيس مركز الخليج للأبحاث، قال إن ملفات السياسة الخارجية للمملكة العربية السعودية لا تتأثر عادةً بتغير الأشخاص، وفي مقدمتها الحفاظ على علاقات إيجابية مع الولاياتالمتحدة، إضافة إلى الدور الريادي الذي تقوم به المملكة في المنطقة، في إطار مجلس التعاون لدول الخليج. كما أشار بن صقر، في تصريح اعلامي إلى أن موقف المملكة إزاء الصراع العربي الإسرائيلي "ثابت"، وكذلك الموقف من السياسات الإيرانية في المنطقة، مؤكداً حرص السعودية على إقامة علاقات متميزة مع الدول الآسيوية. أما فيما يتعلق بالملفات الداخلية، وفي مقدمتها الملف الأمني، فقال المحلل السياسي السعودي إن هناك "ميزة" في أن الأمير أحمد بن عبد العزيز، الذي تولى وزارة الداخلية، خلفاً لولي العهد الراحل، عمل لفترة تمتد إلى حوالي 32 عاماً، بالقرب من مركز صنع القرار في الوزارة، حيث عاصر وتدرب على يد الملك الراحل، فهد بن عبد العزيز، حينما كان وزيراً للداخلية، وكذلك مع الأمير نايف. ووصف وزير الداخلية الجديد بأنه من الأشخاص ذوي "الحس الأمني العالي"، كما أنه على إلمام بكل القضايا الأمنية التي تواجهها المملكة، وعلى رأسها ملف مكافحة الإرهاب، وتطوير نظام المحافظات والمناطق الداخلية، بالإضافة إلى ملفات المخدرات، والحدود، خاصة مع دول الجوار التي تشهد توترات سياسية، مثل اليمن والعراق، فضلاً عن ملف التنسيق الأمني مع دول مجلس التعاون الخليجي. أما الكاتب والمحلل السياسي السعودي، جمال خاشقجي، فقد أعرب عن توقعاته بأن تشهد ملفات السياسة الداخلية والخارجية للمملكة، مزيداً من النشاط، في ظل تولي الأمير سلمان ولاية العهد، مشيراً إلى أن الأخير لديه علاقات قوية بالعديد من الأطراف الخارجية، كما أنه مشغول بجعل الدور السعودي في الخارج "أكثر قوة وتأثيراً." وقال خاشقجي إن الأمير سلمان معروف بأنه "رجل شغيل"، أي يمكنه العمل لساعات طويلة يومياً، وهو الأمر الذي قد ينعكس على أداء العمل في كثير من الملفات الداخلية، مشيراً إلى أن السعوديين "بحاجة" إلى ذلك، حيث أن هناك الكثير من القضايا المعلقة في الداخل، وبالتالي يمكن لولي العهد المساعدة على "تحريك هذه المسائل." واستبعد الكاتب السعودي حدوث "تغييرات جذرية" في السياسات السعودية، سواء داخلياً أو خارجياً، حيث أن الحديث عن أمور على شاكلة "التحول من اليمين إلى اليسار، أو من اليسار إلى اليمين"، غير مطروحة على الأجندة السعودية. وقال خاشقجي: "قد يتمثل التغيير في إضفاء مزيد من الطاقة للسياسة السعودية، على الصعيدين الداخلي والخارجي، خاصة في المحيط الإقليمي ودول الجوار، كاليمن وسوريا." وولي العهد السعودي الجديد، الأمير سلمان، هو الابن الخامس والعشرين من الأبناء الذكور للملك عبد العزيز، وكان يشغل منصب وزير الدفاع، ويعد أحد أركان أسرة "آل سعود"، حتى أنه يوصف بأنه "أمين سر" العائلة، حيث عمل ك"مستشار شخصي" لعدد من إخوته الملوك، الذين جلسوا على عرش المملكة. كما يُعد الأمير سلمان، المولود في 31 ديسمبر/ كانون الأول من عام 1935، احد أبناء الملك عبد العزيز من زوجته حصة بنت أحمد السديري. وخاض العمل السياسي عام 1954، عندما تم تعيينه أميراً لمنطقة الرياض ب"النيابة"، عن أخيه الأمير نايف. وفي العام التالي 1955، تم تعيينه رسمياً أميراً لمنطقة الرياض، واستمر في هذا المنصب خمس سنوات، حتى تقدم باستقالته في عام 1960، ولكن بعد ثلاث سنوات، أُعيد تعيينه بذات المنصب مجدداً، إلى أن تم تعيينه وزيراً للدفاع في نوفمبر/ تشرين الثاني 2011، خلفاً لولي العهد "الأسبق"، الأمير سلطان.