الأذكياء هم من يكسبون دائماً ، وما جعلهم أذكياء هو قدرتهم ومرونتهم على التكيف مع المتغيرات التي تحدث من حولهم ، ولو لم يكونوا أذكياء بما يكفي لكانوا جامدين ثابتين ، ولا كان مصيرهم بالتأكيد الكسر والخسارة الأذكياء يعرفون ويعلمون جيداً بأن الشباب قوة لا تقاوم ، قوة تغيير لا مجال لإنكارها وتجاهلها ، هم يفهمون أن الشباب طاقة إذا لم يشغلونها فهم بالتأكيد سيشغلونهم ويسببون لهم القلق ، لذلك فهموا الدرس جيداً ، وقاموا بالعمل عليه والتخطيط له تنوعت الملهيات التي استخدمها الأذكياء حسب الظروف والأوضاع ، فمن الإشغال بالكرة وممارساتها وتشجيعاتها وتعصباتها ، إلى الفن وأهله ومتابعيه ، مروراً بالطائفية وأحزابها وتناقضاتها ، واستمراراً في نشر الحركات الفكرية باختلافاتها ومتاهاتها ، وحتى الدين والجهاد وشعاراته تم استخدامها ، وأيضاً التفحيط وخطورته واستعراضاته ، حتى الخمور و المخدرات استخدمت ، كل هذه الملهيات والمدمرات وجهت للشباب لإشغالهم وإضاعة وقتهم وإضعاف قدراتهم وتشتيت أفكارهم وصرفهم عن ما يهمهم لكن مع تغير الزمن وزيادة الوعي والانفتاح –الإجباري- فضائياً وإعلامياً ، وغزو وسائل الاتصال الحديثة والإلكترونية ، أدرك الأذكياء أن هذه الملهيات والمشتتات لم تعد تؤدي النتيجة المطلوبة ، أصبح واضحاً أن الشباب لم تعد تجذبهم الأمور القديمة ، لذلك وجب على الأذكياء البحث عن بدائل وملهيات عصرية تناسب العصر وشبابه كان الحل في مساحة من الحرية الإعلامية -الغير معهودة-، هناك تغافل متعمد وواضح عن الذين يتحدثون عن الفساد وبراثينه ، هناك تجاهل متعمد عن الذين يطرقون السياسة وأبوابها ، ظهر كُتاب يشرشحون حالاتنا وأوضاعنا ، ظهرت برامج تلفازية وحوارية تكشف عورات فسادنا ، أصبح الجميع في المجالس والمقاهي وحتى الكشتات يفتون ويطرحون أرائهم ووجهات نظرهم في القضايا المحلية والعالمية ، يحللون ما يكتب وما يناقش ، أصبحوا يضحكون على عقال الشريان وقفشاته ، يرددون مقالات الحربي ومكاشفاته ، يطربون لأفكار الرطيان وعباراته ، يبكون حقائق العمري ومصارحاته ، يُعجبون ببرنامج العليان وحلقاته ، يلعنون تغريدات الشيحي وخيالاته ، يتنقلون بين صاحي الشيباني و ملعوب بقنه ، يتناقلون تغريدات أهل تويتر ، وعبارات أهل الفيسبوك أصبح الحديث في الفساد والسياسة طبيعي وعادي ، بعد سنوات عشناها ونحن نردد الجدران لها أذان ، ولكن في الحقيقة (لم ولن ) يتغير أي شيء ، الفساد صار أكثر وأكبر وعلى عينك يا تاجر ، السياسة صارت أسرارها أعمق وحيلها أدهى حتى ونحن نشعر انها صارت في بعض أجزائها لعب على المكشوف ، كل الذي تغير وتبدل أن الأذكياء أدركوا أنه حان الوقت لتطبيق حكمة أشغلوهم بالفساد والسياسة ، والدليل القاطع ما أكتبه لكم الآن ، لذلك أشعر أنه وجب أن أُردد حكمة شيباننا الله لا يشغلنا إلا بطاعته !!