كثيرة هي المهرجانات الأدبية التي أحببت حضورها، بعضها تمكنت من ذلك، وحال دون الحضور في البعض الآخر أسباب متعددة.. وقليلة هي المهرجانات التي أحسست برغبة جارفة في أن أعيش كل خلجاتها وأنبض مع الذين يحملون همها، ولعل "مهرجان قس" صار في مقدمتها، ولو كان الأمر بيدي لاخترقت المسافات والحدود والتأشيرات لأصبح بين "أصدقاء قس" هناك في نجران حيث الدفء والبساطة النقاء والمودة تنسكب من الإنسان والمكان، فأستعيد معهم الاستهلال الشهير "أما بعد". وعلى الرغم من المسافة التي تفصلني عنهم، لكني أشعر بجهود المخلصين في نجران ممن يعملون من غير كلل لإنجاح مهرجان قس بن ساعدة الإيادي الذي ينظمه نادي نجران الأدبي بدءا من الاثنين 19 مارس الجاري. ومن ينظر قليلا إلى صفحة المهرجان على الفيس بوك يلمس مدى الإصرار على النجاح عبر نقل الأخبار وتحديثها واستقطاب النخب الثقافية للمتابعة، كل ذلك يرتسم مع التحاور الراقي بين رواد الصفحة حتى يشعرك "أصحاب قس" أنك واحد منهم، فتكاد تخترق شاشة الكومبيوتر لتشرع بالعمل معهم في الإعداد للمهرجان. "أصدقاء قس" يجذبونك بصدقهم مع أنفسهم ومع الآخرين، لا تحس بأي تزييف للمشاعر هنا، يتحدثون على سجيتهم، يرحبون ويهللون بالجميع، تنساب منهم تفاصيل يوميات ما قبل المهرجان التي تمهد للممهرجان ذاته. وكأني - من ثنايا تفاصيلهم - أعيش معهم أوقات المهرجان، فأجادل إبراهيم طالع الألمعي ب"لحافه" الشهير في مسألة ما، وأطرب لصورة رسمها عبدالله الصيخان بإبداعه، وأعيش مع عبدالله ثابت لحظات جنونه، وأستمع لبعض وشايات مريع سوادي القروية التي كم أشجاني بها في "امْبتيلة"، وأتماهى مع جاسم الصحيح بقوة تركيباته الشعرية، وأتأمل بحثا رسمه علي مغاوي كنقش تهامي بأناقة فنان، وأصغي لحديث مركّز ينساب بهدوء من الدكتور محمد آل زلفة... وكذلك هم كل "أصدقاء قس" الذين يشاركون في النشاطات أو يعدون لها أو يحضرون أيامها. المؤشرات تقول إن المهرجان ناجح بإخلاص من يسهرون من أجله، ولعل امتداداته في السنوات المقبلة تحمل الجديد الجميل دائما فالقواعد التي يرسيها الأحبة صالح آل سدران وحسين سالم آل منصور وصالح زمانان.. ومعهم رئيس نادي نجران الأدبي سعيد آل مرضمة، وكل الجميلين في نجران بنقائهم الفطري، سوف تكون خطاً عاماً قابلا للتطوير في مواسم "قس" المقبلة. أخيرا، كم وددت لو وجّه "أصدقاء قس" الدعوة للأديب الفلسطيني يحيى يخلف، صاحب رواية "نجران تحت الصفر"، فربما يقوده الحضور لكتابة رواية جديدة عن زمن مختلف. وعن نجران سنة 2012 وليس ما قبل 1977. مازن العليوي الوطن