لمدة عامين من حياتي عشت هكذا... استيقظ صباحا... حالة صداع غير عادي اتناول قرصين باندول اكسترا ..اذهب للعمل ..الذي كاد ان يصبح كابوسا يطاردني بنومي..اذهب للكد والكفاح..وكما يقول الناس "للكرف" ..ليست المشقة في نوعيه العمل لكنها في ما الاقيه فيه من كيد النساء "كما يقولون"- فوالله لا اسوء شيئا بالحياه من أن تقع امراه تحت يد امراه... وما ادراك بكيدهن!! المهم انني ادور في ساقيه اسمها العمل.. ومن كثرة الدوران ظننت انه لا خيار الا الحفاظ علي الساقية... وظللت ادور وادور معصوبة العينين مغيبة البصر والبصيرة !!! نسيت انني ام وان لابنائي علي حقوق ؛ ونسيت انني انسانه ولبدني علي حق ؛ ونسيت انني ابنه لابويين ولهما علي حق؛ ونسيت كل حق لي في الحياة ... نسيت كل شيء الا انني موظفة ويجب ان اعمل بجد واجتهاد حتي انال رضي ربي ورضاء رؤسائي... كنت آكل اي شيء!! اي طعام من الذي يطلقون عليه "جنك فود او تاك اواي" ؛ كنت من الزبائن الدائمين للمطاعم .. وما ادراك ما الذي تقدمة المطاعم ... دهون ..نشويات... اهملت الرياضة.. حتي زاد وزني اواصبحت اشبه الفيل... نسيت الحياه ..اصبحت انسانه عصبية مرهقة دائما ..اصبح حول عيوني من شدة الارهاق هالات سوداء مثل دب الباندا... اصبحت مدمنه للمكيفات ... مما زاد من حالي سوءاً......كل همي في الحياه هو العمل وليس غيره!!!! حولت مكتبي بالبيت لنسخة من مكاتبات العمل.. فالعمل لم يكن مقتصرا علي وقت العمل ولكن التعميمات تطاردني بمنزلي وتطاردني بايام اجازتي.. وعليّ ان اكون علي اهبه الاستعداد 24 ساعة باليوم للرد علي الاحصائيات والتعاميم!!! اما جوالي فكان اشبه بسنترال مصر .. نعم كان لا يقف عن الرنات والاتصالات والمكالمات المنتظرة والرسائل .. وعلي ان اكون دائما علي اهبه الاستعداد وهادئة ومبتسمة وصبورة مع كل هذا الكم من الاتصالات بعد موعد العمل.. واياي اياي ان يكون جوالي مغلقا فهذا يعني انني انسانه غير كفء... وفجأه جاءني قرار بالاستغناء عن خدماتي!! بعد خدمه عامين متواصلين!! تم الاستغناء عن خدماتي دون النظر لاي شيء.. لا لتفاني بالعمل ولا لما قدته لتلك المؤسسة من اعمال ..ولا لأي شيء... وصدمت بذلك صدمة ما بعدها صدمة حتي وقعت مريضة لاعراض ذبحة صدرية!!! واثناء وجودي بالمستشفي كانت لحظات تأمل حيث فوجئت بحقائق غابت عني كثيرا في تلك الدوامه التي كنت بها... وهي: - جوالي الذي كان صداحا صياحا..صمت فجأه... لم يعرفني سوي الاصدقاء الحقيقيون والذين لا يتجاوز عددهم اصابع اليد الواحدة!!! - انني افنيت صحتي وسنتين من حياتي بلا مقابل... وان كان "لا" .... فأين هو المقابل وانا تحت الاجهزة الطبيه الان؟!!! - لقد قايضت ابنائي وصحتي بعملي .. والان تخلي عني عملي دون شكر او ذكر.. فهل كانت البيعة رابحة!!! - اين حياتي وشبابي وعمري...!!! - اين رؤسائي الذين ارهقوني تعاميم واوامر واجتماعات؟؟!! - اين الزملاء المرتزقون الذين كانوا لا ينفكون اتصالا وحكايات؟؟؟!!! والان .. هل سيعود المرتزقه من الاصدقاء للاتصال بي بعد تبدل حالي وعملي بعمل آخر مرموق؟؟ اتوقع نعم في هذه الخبرة الحياتية الكثير من الدروس ..تعلمتها ..واتمني ان تصلكم انتم ايضا.. وأخيرا احمد الله علي قرار انهاء الرق للوظيفة السابقة والعتق من الساقية التي كنت ادور بها ليل نهار...وعلي الصحوة لاهمية المحافظة علي صحتي وعلي حياتي الاسرية وعلي ابنائي... تحياتي في خاطرة اخري... د.حنان الشيخ "إخبارية حائل"