كانت مباراة قطبي العاصمة النصر والهلال يوم الخميس أول اختبار حقيقي لتغليب المصلحة الوطنية وحب الوطن على كل مشاعر التعصب الرياضي والاهتمام بنتائج كرة القدم والحرص على الفوز والخوف من الخسارة. هذا الاختبار، الأول والأخير بإذن الله، نجح فيه الصغار والمراهقون والشباب والشيب من أنصار الفريقين ومن اللاعبين قبل وأثناء وبعد المباراة عندما وجهوا رسالة الرقم الكبير رسالة خمسين ألف متفرج جميعهم عبروا عن عمق العلاقة بين الشعب والقيادة وشدة التلاحم بين الشعب المحب والملك المحبوب بما لا يدع مجالا لمريض نفسي أن يحلم بغير ذلك. ليس من السهل على مشجع مراهق أن يهتف لغير فريقه لكنهم نسوا الفريق في حضرة الوطن، وليس من السهل لمشجع مراهق أن يحمل غير لون فريقه لكنهم جميعا اتحدوا بحمل لون الوطن، وليس من السهل على مشجع أن ينشغل بغير مباراة المنافس لكنهم جميعا انشغلوا بالوطن وليس من السهل على مشجع أن يضع ساعده بساعد الخصم لكنهم جميعا لفوا السواعد معا ورفعوها في وجه خصوم الوطن فكانت رسالة وحدة وطنية وحب للمليك والوطن يستعصي على من يحلم بإرسال غير ذلك. قبل المباراة تساوى الجميع في القدرة على الارتقاء بمناسبة كروية تنافسية هامة إلى ما هو أهم واستطاع الفريقان جمهورا ولاعبين وإدارة أن يحولوا التركيز من حب الفوز الكروي إلى حب الفوز الوطني، أما بعد المباراة فإن من واجب أي كاتب وطني محايد مهما كان ميوله أن يشيد بموقف الأمير عبد الرحمن بن مساعد رئيس نادي الهلال وتمسكه بموقفه الحكيم بتجاهل الفوز وتجاهل التنافس وتجاهل الفرح بالنتيجة والزهو بالانتصار والتركيز على الأهم وهو توجيه الرسالة لخصم الوطن ومفادها أن أحدا لا يستطيع أن يجبر خمسين ألفا من جمهور في ملعب كرة قدم على تسجيل موقف موحد يؤكد أن الدين والملك والوطن خط أحمر لا يمكن تجاوزه لولا أنهم فعلا يؤمنون بذلك من كل قلوبهم، ثم يتبع ذلك بالدعاء المشهور بأن يديم على هذا الوطن نعمة الأمن والرخاء وأن يحفظ له الملك المحبوب الذي أحب شعبه فأحبوه ويوفق قيادته ويريهم الحق حقا ويرزقهم اتباعه ويريهم الباطل باطلا ويرزقهم اجتنابه. وفي الوقت ذاته لا بد لكل كاتب مخلص ناصح أن يستنكر على إدارة نادي النصر عدم اختتامها المناسبة الهامة بمثل ما بدأت به، وخروج رئيس النصر دون أن يصرح بعد المباراة ويؤكد على الهدف الأهم وأن خسارة الفريق لا تشكل شيئا يذكر خصوصا وأننا نتحدث عن مجال يلعب فيه القدوة دورا هاما، وهنا يكمن فارق الحكمة وبعد النظر بين الإدارتين، وكون موقف إدارة الهلال مرافق لفوز لا يشكل أي فارق أو سبب لتباين المواقف بعد المباراة فقد قلنا في بدايتها أن الأهم هي هزيمة خصم الوطن. لقد بين الاختبار الأول والأخير بإذن الله أن توفر الحكمة وسعة الاطلاع والعمق مطلب هام في كل من ينتمي إلى المجال الرياضي بصلة إدارية نظرا لأهمية معشوقة الجماهير ولأن الحكمة ضالة المؤمن، وأرجوا أن لا يتم البحث عن مبرر لزلة إدارة النصر وأن لا يوضع الفوز أو الهزيمة في ميزان المواقف لأن الموقف أكبر من أي شعور كروي تافه. محمد بن سليمان الأحيدب عكاظ