لا شيء يمكن له أن يكون أكثر إضرارا بوحدتنا الوطنية مما قد يقع فيه بعض المغرضين ممن ينقمون علينا ما ننعم به من خير ووحدة وتماسك، وكذلك ما قد يقع فيه من يغريهم الجهل وغياب الوعي حين يعمد هؤلاء أو أولئك إلى تقسيم المجتمع السعودي إلى أقسام وفئات وطوائف موزعة على قبائل أو مناطق أو مذاهب ويجعلون الولاء لهذه الانتماءات مقدما على الولاء للوطن. لا شيء أكثر إضرارا بوحدتنا الوطنية مما يعمد إليه البعض من تصنيف المواطنين السعوديين إلى تصنيفات متباينة ومتحاربة ومتعارضة فيطلقون على فئة محافظين وعلى أخرى ليبراليين وعلى ثالثة حداثيين جاعلين من هذه التقسيمات أحزابا وشيعا لا يربطها رابط ولا يجمع بينها وطن ولا يوحدها هدف. والأشد ضررا من هذه التقسيمات أنها لا تأخذ الشكل العلمي البريء المحايد النزيه الذي يهدف إلى الكشف عن أنواع الخطاب الثقافي ومستوياته واتجاهاته بقدر ما يعمد إلى هذه التصنيفات لكي يتبعها بخطوات أخرى تقوم على التخوين والتشكيك في الولاء للوطن وإثارة الشبهات حول المعتقد من جهة أو الرمي بالجهل والانغلاق ومعادات الآخرين والوقوف في وجه التطور والتقدم من جهة أخرى، وهو الأمر الذي يؤدي إلى خلق صراعات من شأنها أن تمس وحدتنا الوطنية وتؤثر على ترابطنا وتماسكنا. من هنا جاء تأكيد البيان الختامي للقاء الثالث للحوار الوطني، الذي اختتم اجتماعاته يوم أمس في جدة، على رفض هذه التصنيفات سواء كانت تصنيفات مناطقية أو قبلية أو مذهبية وتأكيده على أن الولاء لهذه الانتماءات حين يكون على حساب الوطن من شأنه أن يكون خروجا على تعاليم الدين الحنيف الذي يدعو إلى المساواة والتماسك والتواد والتراحم ورفض كل دعوى جاهلية تعيدنا إلى أن نكون قبائل تتصارع أو مناطق تتعادى أو مذاهب تتقاتل فنخسر بذلك كل ما منحتنا إياه وحدتنا الوطنية من نعمة وخير كثير.