لأنك مبدع يجب ألا تبوح لأحد بسر إبداعك! لأنك مبدع.. حرام عليك أن تتمتع بهبة الرحمن التي أودعها فيك. لأنك مبدع.. لا بد أن تتوارى عن الأنظار، وعليك أن تتلقى سهام الحاقدين بمختلف أمزجتهم ونواياهم السوداء. لأنك مبدع.. عليك أن تنصاع إلى نقص القادرين عن التمام وتتكيف مع أهوائهم المريضة؟ يا إلهي في العالم الآخر، ربما القريب من حولنا، تلتهب الأكف تصفيقا للمبدع، وفي مجتمعنا إلا ما شاء ربك بحث عن أتفه الأسباب لتجريد المبدع من حقه في الإبداع.. ولماذا؟ لأنه مبدع. لأنك مبدع.. فأنت مجرم عصرك، ولا بد أن تحاصر وتستفز وتلاحق بعصا غليظة تحط على هامتك البريئة. لأنك مبدع.. اصمت ولا تقل شيئا ولا تتفوه بإبداعك؛ كي لا تحاكم بالنظرة الحاقدة والرأي الغريب! مبدع أنت فاصبر يا صديقي؛ إذ إن شؤم إبداعك وإبهارك وتميزك عن البقية سيطاردك حتى تموت! يا صديقي كف عن الإبداع كي تعيش وتستمر في الوجود، يا صديقي ابتعد عن منابر التفوق، واترك الساحة لأنصاف المواهب، أو كن مثلهم كي تسلم من جور الكره وعداوة المبغضين. يا صديقي.. هل أنت مبدع؟ أرجوك لا تتميز ولا تكن أي شيء؛ كي تحظى بالقبول والدلال. كن نكرة، ولا تكن معرفة؛ فإن العطاء يجلب لك الشقاء. يا صديقي في نهاية المطاف لا تقبل نصيحتي، وكن أسدا هصورا، والطم بسيف إبداعك كل حاسد، اقتلع بإبداعك وكمال موهبتك بذرة الشر من نفوس الجهلة والمحبطين. يا صديقي المبدع، البقاء لموهبتك، ولا عزاء للمرضى وجهلة الناس. يا صديقي اعلم أن إبداعك حرقة لكل محاربيك، واعلم أن شمس تفوقك لا ولن تغيب. رذاذ: المتعصبون يرون الناس بعين طباعهم، أما الباحثون عن الحقيقة فهم شموس الفكر وقباطنة الإبداع! عذرا أيها المنطق، أرجو أن تأخذ غفوة وتستريح؛ فهناك من يصنف المبدعين وفق هواه ومزاجه، وهناك من يشتهي الإقصاء في زمن الانفتاح والانعتاق الفضائي! صديقي المبدع: أنت بركان يصهر في جوفه أحقاد المرضى وفلسفة الجهلة!