تعد جدة من أهم الأسواق السكنية في السعودية التي تعاني من أزمة عقار. ذكر تقرير اليوم الأحد أن كارثتا سيول جدة الأولى والثانية أثرتا في تغير اتجاه بورصة العقار في ثاني أكبر مدن المملكة العربية السعودية.
وشهدت مدينة جدة يوم 26 يناير/كانون الثاني الماضي، سيول عنيفة ولقي على إثرها 10 أشخاص مصرعهم، وفقد 3 آخرون، وأصيب 114 آخرون، في سيناريو مشابه للسيول التي ضربت المدينة نفسها في العام 2009 وقتل فيها أكثر من 120 شخصاً ما أثار سخطاً لدى أهالي المدينة الساحلية بشأن ضعف البنية الأساسية في واحدة من أغنى دول العالم.
وقالت صحيفة "الحياة" السعودية إنه بعد أن شهد الجزء الشرقي من مدينة جدة خلال الأعوام الخمسة الماضية إقبالاً كبيراً في الشراء والتملك وبيع المخططات السكنية، جاءت سيول جدة لتغير مسار الخريطة العقارية في الميناء الأكبر في السعودية، باتجاه الشمال.
موضوع مرتبط: 27 مسؤول سعودي ورجل أعمال ينتزعون منحاً مخصصة للدخل المحدود موضوع مرتبط: 50 سعودياً يدخلون العيادات النفسية إثر سيول جدة وتعد جدة بالإضافة إلى كل من مدينة الرياض، ومكة المكرمة، والمدينةالمنورة والدمام والخُبر أهم الأسواق السكنية في السعودية التي تعاني من أزمة عقار تكمن معظم جذورها في التركيبة السكانية التي تشهد تحولاً سريعاً في أكبر مصدر للنفط الخام في العالم.
وبحسب صحيفة "الحياة" اليومية، أدت الأحداث الأخيرة إلى انخفاض كبير في أسعار العقار شرق جدة، بنسبة قدرها عقاريون ب30 في المائة عما قبل سيول 2009 التي أتت على معظم الأحياء الشرقية، كما حرفت الأنظار للبحث عن أماكن سكنية أكثر أمناً، وأبعد عن مجاري السيول.
واكتشف سكان المناطق الشرقية في جدة بعد كارثة جدة الأولى سنة 2009 أن منازلهم تقع في بطون الأودية ومجاري السيول، واتهموا أصحاب المخططات بغشهم وتضليلهم.
وتقول الإحصاءات الرسمية إن السيول أتلفت أكثر من 90 في المائة من الطرق في جدة ونحو 27 ألف مبنى الأسبوع الماضي مما زاد من متاعب السكان الذين شكوا طويلاً من نقص الصرف الصحي في المدينة التي يسكنها أربعة ملايين نسمة.
ووفقاً لصحيفة "الحياة"، أكد عقاريون في جدة أن نسب الانخفاض في أسعار العقارات شرق جدة تتراوح بين 20 و30 في المائة، خصوصاً تلك التي تقع شرق الخط السريع، والتي تشهد نزوح سكانها خوفاً ويأساً. وأشاروا إلى أن الخريطة العقارية لجدة تتجه إلى المناطق الآمنة، ذات البنية التحتية، سواء منطقة وسط المدينة أو تلك الأماكن القريبة من مطار الملك عبدالعزيز، إضافة إلى اتجاه نحو الجزء الشمالي من المدينة الذي يشهد نهضة عمرانية كبيرة في السنوات الماضية. وقال رئيس اللجنة العقارية في جدة عبدالله الأحمري إن العقارات في شرق جدة شهدت انخفاضاً ملموساً في أسعارها بعد كوارث الأمطار، ولا سيما في ما يتعلق بشقق التمليك التي انخفضت أسعارها في أحياء جدةالشرقية بنسبة تصل إلى 25 في المائة. ولم تسلم الأراضي كذلك من انخفاض في تثمينها بحسب "الأحمري" الذي أكد أن أسعارها في جدة انخفضت إلى ثلثي القيمة قبل أحداث السيول، عازياً ذلك إلى انخفاض الطلب عليها جراء جريان السيول في أحياء عدة هناك. واستبعد "الأحمري" عودة الأسعار إلى الصعود قبل أن تنفذ حلول جذرية لحماية تلك الأرضي شرق الخط السريع، مشيراً إلى أن خريطة جدةالجديدة للعقار ستشكل بحسب المواقع التي تتواجد بها البنية التحية الجيدة سواء في جنوبالمدينة أو منطقة الوسط. وذكر "الأحمري" أن الاتجاه في الشراء والتمليك في مدينة جدة حالياً يعتمد على نقطتين أساسيتين، "إحداهما تتلخص في بعد الموقع عن مناطق جريان الأودية، فيما تكمن الثانية في توافر البنية التحية"، مؤكداً أن مناطق شمال جدة لا تزال صاحبة الحصة الكبرى في الطلب، ولا سيما الأحياء التي تتوافر فيها الخدمات والبنية التحتية. ويتفق معه المطور العقاري خالد جمجوم الذي أشار إلى أن شمال جدة يشهد إقبالاً غير مسبوق، ولا سيما بعد إنشاء مشاريع حيوية هناك، وقال إن "ردود الأفعال في ما يخص الجزء الشرقي من المدينة لا يزال عشوائياً، ولا سيما بعد تعرض المنطقة لما تعرضت له". وأضاف "جمجوم" قائلاً "يعد الجزء الشرقي من مدينة جدة هو الأجمل، ولا سيما أنه يحتوي على مرتفعات، لكنه يحتاج إلى إعادة تأهيل شاملة، كي يضمن السكان الأمان من خطر السيول في تلك الأماكن". ولفت إلى انخفاض في حركة البيع والشراء، وإن كانت متفاوتة، في الأحياء الشرقيةلجدة، بل وصل الأمر إلى توقفه جزئياً بعد الكارثة الثانية على حد قول جمجوم. فيما يرى عضو اللجنة العقارية محمد الجهني أن هجرة السكان من الشرق إلى جهات أخرى "أمر طبيعي" بعد كارثة جدة الثانية، لافتاً إلى انخفاض ملموس في أسعار العقار في تلك المناطق بنسبة تصل إلى 20 في المائة". وأشار إلى أن سكان "العروس" لديهم رغبة شديدة في السكن في المناطق الآمنة، البعيدة عن مجاري السيول، وغالبيتها يقع في منطقة وسط جدة والأحياء القريبة من المطار في شمالها. وأضاف "الجهني" أن شمال جدة هو الأكثر طلباً في العقارات وتتجه له البورصة كثيراً، لكن في الأحياء التي تشملها خدمات البنية التحية، "أما الأراضي الفضاء التي تقع في شمال جدة، ولم تدخلها الخدمات لا تزال حتى الآن مواقع لمضاربة العقاريين، بعيدة عن رغبات الامتلاك أو السكن لأهالي جدة". بقلم أريبيان بزنس - وكالات