مجموعة من متصفحي تويتر أطلقوا على الجمعة الماضية «جمعة الحليب»، في محاولة لحشد التأييد لمقاطعة منتجات شركات ألبان رفعت أسعارها في السعودية، ولا يعرف حتى الآن هل ستلحق بها الشركات الأخرى أم لا؟ وقبل فترة حصلت شركات الألبان على دعم كبير بتمديد تاريخ الصلاحية لبعض منتجاتها، ولم تُذكر أسباب من الجهة الرسمية وكأن المناخ تغير، أو أسلوب التخزين والنقل في البقالات اختلف. عدم ذكر السبب يبطل العجب مخبراً عن علة تطنيش المستهلك من الجهات الرسمية... «الخادمة» له كما يقال. لم يجد المستهلكون سوى الإنترنت لرفع أصواتهم وإبداء احتجاجهم أمام فشل وزارة التجارة وجمعية حماية المستهلك التي يُقترح أن تتحول إلى «جمعة» يتيمة، فواقعها يخبر انها هيكل خاو إلا من تصاريح إعلامية. قبل حليب تويتر أنشأ البعض مواقع لمقاطعة منتجات وكشف أساليب استغلال المستهلك، ولا يمكن معرفة أثر ذلك على واقع السوق، فلا مسوحات أو دراسات من جهات محايدة، إلا أن الانترنت غيرت واقعاً كانت الصحف تسيطر عليه، التحكم بما ينشر وما لا ينشر يتراجع بسرعة كبيرة.
ارتفاع أسعار المواد الغذائية متواصل منذ عام «الرز»، ولحقت بها سلع أخرى ولم يتغير شيء، فالمواجهة تتم غالباً بتصاريح وتحذيرات وزارة التجارة، ومؤشر «الأسعار» الذي «قبلته» أمانة الرياض على الوزارة صارت الأخيرة تذكر أنه من إنجازاتها!
ومشكلة الأسعار في بلادنا تتلخص في عدم وجود فعل رقابي ميداني حقيقي، والسبب كما يتوقع هو عدم الرغبة أو القناعة، فلا زال هناك من يروج أن اقتصادنا مفتوح وسوقنا حرة تنافسية، والحقيقة أن جيب المستهلك هو المفتوح.
يستغرب سائق الليموزين البنغالي فوارق الأسعار لدينا، يذكر أنه ذهب إلى سوق العزيزية للخضار بالرياض فاشترى صندوقاً كبيراً من الكوسة بخمسة عشر ريالاً، يزن قرابة عشرة كيلوغرامات، وخرج من السوق وسأل محلاً غير بعيد عن سعر الكيلو فقال له بستة ريالات، يتساءل البنغالي كيف لا يلاحظ المراقبون ذلك؟ الرجل يعتقد أن هناك مراقبين! ربما يظن أن هناك نظاماً ساهراً للكوسة.
وبعد جمعة الحليب أتوقع جمعة للزبادي، وأخرى للسيارات، ثم سيأتي يوم نصل فيه إلى جمعة السياسة النقدية والمالية! فالتضخم ينهش الدخول والمدخرات وبدأ «يعرش» في العظام.