تقام اليوم الأربعاء عدة مباريات ودية بين المنتخبات العالمية، ولكن تبرز من بين هذه المباريات مواجهة البرازيل وفرنسا، حيث تعتبر المواجهات بينهما مباريات كلاسيكية لأنها دائماً ما تشهد أحداثاً تبقى عالقة في الأذهان لفترة طويلة. إنها مباريات استعراضية تحمل في طياتها نوعاً من التنافس الشديد، ولكنها تبدو خالية من العداوة التي غالباً ما ترافق مباريات البرازيل ضد الأرجنتين، أو إنجلترا ضد ألمانيا. أصبحت لقاءات فرنسا والبرازيل فولكلوراً في نهائيات كؤوس العالم بفضل بعض المباريات الأسطورية التي جمعت بينهما. وذلك قبل ساعات من انطلاق المباراة الدولية التي تحمل رقم (14) بين المنتخبين، ونستعرض مع قراء مسارات أهم المباريات السابقة بينهما. البداية برازيلية أولى مواجهات الفريقين كانت مواجهة رسمية بنهائيات كأس العالم بالأرجواي عام 1930 وقد حسمها أبناء السامبا بنتيجة 3-2. ثم تواجها مرة أخرى في نفس البطولة ولكن في عام 1958 في السويد. وكان المنتخب البرازيلي في تلك الفترة لا يقهر وخرج فائزاً 3-2 ليخطوا آخر عقبة على طريق إحراز اللقب العالمي لأول مرة، وكان يلعب للمنتخب الفرنسي حينئذ لاعب له رقم لم يقهر في تاريخ بطولات كأس العالم ألا وهو اللاعب (جوست فونتين) اللاعب الذي حصد لقب الهداف في تلك البطولة برصيد (13 هدفا) وهذا الرقم لم يحطم إلى يومنا هذا، تلك المباراة كانت من الممكن أن تؤول إلى غير تلك النتيجة لو كان يسمح بإشراك اللاعبين الاحتياطيين في تلك الحقبة، ذلك لأن قائد المنتخب الفرنسي روبير جونكيه أصيب بكسر في الساق واضطر إلى مغادرة الملعب في الدقيقة 26. لكن لا أحد يشك في قوة المنتخب البرازيلي في تلك البطولة فإلى جانب لاعبي الوسط فافا وديدي وجارينشا وماريو زاجالو، فإن لاعبا في السابعة عشرة من عمره فرض نفسه نجماً للمباراة بلا منازع بتسجيله ثلاثة أهداف هو بيليه. حقبة بلاتيني تلك المباراة سجلت الفوز الأخير للمنتخب البرازيلي في البطولات الرسمية في مواجهة فرنسا حتى يومنا هذا. ففي عام 1977 سجل المنتخب الفرنسي تعادل للمرة الاولى خلال مباراة ودية جمعته بنظيره البرازيلي على ملعب ماراكانا العريق ، فبعد تقدم أصحاب الارض 2-0 في الشوط الأول، استطاع المنتخب الفرنسي بقيادة أسطورتهم (ميشيل بلاتيني) أن يعدلوا النتيجة في الشوط الثاني لتنتهي المباراة 2-2 . ثم تواجه المنتخبان بعد مرور ثمانية أعوام في مباراة اعتبرت من الأجمل في تاريخ نهائيات كأس العالم. كان المنتخب البرازيلي يقدم كرة هجومية استعراضية رائعة سميت بطريقة "جوجو بونيتو" بفضل لاعبين مهرة أمثال زيكو وفالكاو وسقراطيس وبرانكو فإن السيليساو كان في طريقه لأحراز اللقب الرابع في تاريخه. تقدم المنتخب البرازيلي بواسطة كاريكا، قبل أن يرد عليه بلاتيني، ثم دخل زيكو في الشوط الثاني وأضاع ركلة جزاء هي الأولى في مسيرته، ليلجأ الطرفان الى ركلات الترجيح بعد انتهاء الوقت الإضافي بالتعادل 1-1. وكان بإمكان بلاتيني أن يحسم الامور في مصلحة فريقه لكنه سدد الكرة عالياً. وتصدى الحارس الفرنسي لركلة سقراطيس، ثم سنحت الكرة الحاسمة امام لويس فرنانديز مجدداً، فلم يهدرها هذه المرة ليضع فريقه في نصف النهائي بعد مباراة أسطورية. روبرتو كارلوس الفيزيائي في كل مواجهات الفريقين لابد أن تكون هناك أسطورة حتى في المباريات العادية، ففي اللقاء الذي انتهى بتعادل المنتخبين 1-1 في دورة فرنسا الدولية عام 1997. في ذلك اليوم، خرق المدافع البرازيلي الشهير، قوانين الجاذبية بتسديده الكرة بقوة من 35 مترا، فالتفّت من وراء حائط الصد، وكان ملتقطو الكرات يستعدون لتوجيه كرة جديدة باتجاه الحارس الفرنسي فابيان بارتيز، لكن مسار الكرة انعطف فجأة لتستقر في الشباك بالقرب من القائم الايسر، ليسجل هدفا أسطوري جعل علماء الفيزياء يدرسون مسار الكرة وكيف التفّت بتلك الطريقة مما جعل الفيفا يقر بضرورة إعادة تصنيع الكرات مع كل مونديال. زيزو صداع البرازيل وكانت المباراة الأهم بين المنتخبين تلك التي جمعتهما في نهائي كأس العالم FIFA في فرنسا عام 1998. دخل المنتخب البرازيلي بطل العالم أربع مرات، المباراة ليدافع عن لقبه الذي توج به قبل أربع سنوات، وبالتالي كان مرشحاً في مواجهة منتخب فرنسي يبلغ المباراة النهائية للمرة الأولى. لكن ثنائية زين الدين زيدان وهدف آخر حمل توقيع ايمانويل بوتي جعلت فرنسا سابع منتخب يرفع كأس العالم. ومن الأسباب نفسها تنتج النتائج نفسها، ففي كأس العالم 2006 في ألمانيا، خاض زيدان آخر بطولة رسمية له في مسيرته، وبعد أن بلغ المنتخب الفرنسي الدور الثاني كانت كل مباراة يمكن ان تكون الأخيرة بالنسبة إليه، خصوصاً عندما التقى الفرنسيون بنظرائهم البرازيليين في ربع النهائي بقيادة رونالدو ورونالدينيو وكاكا. اختار زيزو تلك المباراة ليقدم أفضل مباراة له في صفوف المنتخب الفرنسي. قام زيدان بكل ما يحلو له في تلك المباراة، مراوغات رائعة، انطلاقات صاروخية، تمريرات متقنة بينها واحدة حاسمة أسفرت عن هدف المباراة الوحيد ليؤكد المنتخب الفرنسي بأنه عقدة مستعصية على نظيره البرازيلي.