«911» تلقى 2,606,195 اتصالاً في 12 شهراً    وفاة والدة الأمير الوليد بن طلال بن عبدالعزيز آل سعود    القيادة تعزي الرئيس الأمريكي في ضحايا الحادث الإرهابي الذي وقع في مدينة نيو أورليانز    30 % نمو الميزان التجاري في أكتوبر 2024م    ما مصير قوة الدولار في 2025 ؟    «الخدمات البيئية»: لا ترخيص لمن تعرّض لأي عقوبة مخلة بالأمانة والشرف    رضيع بدوام يجني 108 آلاف دولار في 6 شهور    الإغاثة السعودية.. إنسانية تتجلى وقت المحن    «تليغرام» يتيح التحقق من الحسابات بتحديث جديد    وصول الطائرة الإغاثية السعودية الخامسة إلى مطار دمشق الدولي    زيارة وفد الإدارة الجديدة للرياض.. تقدير مكانة المملكة ودعمها لاستقرار سوريا وتطلعات شعبها    استشاري ل«عكاظ»: 5 نقاط مهمة في كلاسيكو كأس الملك    خيسوس وبلان في تحدّي «كلاسيكو الكأس»    نادي سباقات الخيل يختتم مهرجان كؤوس الملوك والأمراء بنسخته العاشرة    في الجولة 15 من دوري" يلو".. العربي في مواجهة الصفا.. والباطن في ضيافة العدالة    3 أندية تتصارع لضم نجم مانشستر سيتي    الداخلية أكدت العقوبات المشددة.. ضبط 19541 مخالفًا لأنظمة الإقامة وأمن الحدود    جمعية «صواب» بجازان تسيّر أولى رحلات العمرة ل«40» متعافياً من الإدمان    4,494 حقيبة إيوائية لقطاع غزة    ضبط 19541 مخالفا لأنظمة الإقامة والعمل وأمن الحدود خلال أسبوع    المهرجانات الشتوية.. إقبال متزايد على الفعاليات المتنوعة    الصندوق الثقافي يعزز قدرات رواد الأعمال في قطاع الأزياء    انطلاق ملتقى دعاة «الشؤون الإسلامية» في نيجيريا    الكذب على النفس    مخلفات العنب تعزز علاجات السرطان    طريقة عمل سندويتشات الشاورما المصري    منتخب البحرين يستحوذ على جميع جوائز "خليجي 26" الفردية    ترمب سيمثل أمام المحكمة قبل عشرة أيام من تنصيبه    روسيا تعترض ثمانية صواريخ أميركية أطلقتها كييف    الفاشية.. إرهاب سياسي كبير !    شخصية المدير والنجاح الإداري    القيادة التربوية نحو التمكين    مشكلات بعض القضاة ما زالت حاضرة    ثقافة الاندماجات والاستحواذات في القطاع الصحي..!    المرأة السعودية من التعليم إلى التمكين    الحِرَف اليدويّة بين أيدي المُترجمين    البرد لم يمنع نانسي ورامي من رومانسية البوب    «كود» عالمي للمساجد    ظلموه.. فمن ينصفه؟    حركية المجتمع بحركية القرار    الإنسان الواقعي في العالم الافتراضي    سوق عمل نموذجي    الفن والابتكار في عالم الديكور والمفروشات    تأخر المرأة في الزواج.. هل هو مشكلة !    خطيب المسجد الحرام: داووا أنفسكم بالعِلم والعَمل    مشاعر الذكاء الاصطناعي    ماريسكا: على تشيلسي أن يكون أكثر حسما    كيف تُخمد الشائعات؟    هدنة هشة ومستقبل غامض في لبنان    ضبط يمني في نجران لتهريبه (14850) قرصًا خاضعًا لتنظيم التداول الطبي    2.6 مليون اتصال للطوارئ الموحد    رصد حالات تعشيش لطائر «الرخمة» المهدد بالانقراض بمحمية الملك سلمان الملكية    فرص تطوعية للعناية بالمساجد والجوامع والمصليات النسائية تطلقها إدارة مساجد فيفا    الدفاع المدني: أمطار رعدية على معظم مناطق المملكة حتى الأربعاء القادم    إيران.. استخراج 100 عبوة مخدرة من معدة شاب    بعد انتشاره في الصين ..مختصون يوضحون ماهية فيروس HMPV ومدى خطورته    الكلية الأمنية تنظّم مشروع «السير الطويل» بمعهد التدريب النسائي    ذلك اليوم.. تلك السنة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المملكة تعيد عبر سوق عكاظ إلى الأذهان أمجاد العرب وتراثهم الأصيل
نشر في مكة الآن يوم 13 - 09 - 2012

تنافس سوق عكاظ التي انطلاقت فعالياتها أمس الأول الأسواق العالمية المعاصرة والمواسم الثقافية والفكرية الكبرى حيث كانت تشهد في السابق عمليات البيع والشراء وعقد الصفقات بين مختلف القبائل واشتهرت أيضاً بكونها مسرحاً يتبارى فيه الشعراء أمام حكام يقرؤون القصيدة الفائزة , ثم تعلق على أستار الكعبة المشرفة وقد علق منها سبع قصائد فسميت بالمعلقات , كما كان يؤم سوق عكاظ الحكماء والقضاة والشعراء والخطباء وكانوا يخاطبون القبائل بلغة عربية منتقاة من اللهجات الضيقة حتى يفهمها الجميع حيث كانت سائر قبائل العرب من الشام والعراق والخليج واليمن والبلاد المجاورة تقصد السوق فكانت تضيق بمن حضر وكان التجار يجنون فيها مكاسب وفيرة وكانت لكل قوم منازلهم الخاصة ينصبون فيها خيامهم ويرفعون عليها راياتهم وكان على رأس كل وفد شيخ القبيلة أو من ينوب عنه, فكانوا يخرجون من مضاربهم إلى المعارض والأندية في رحاب السوق فيلتقي اليماني بالشامي والحجازي بالعماني فتمتزج القبائل ويتباحثون في البيع والشراء ويتبادلون التفاخر والشعر .
كما يروون الأحاديث والروايات ويتابعونها من عام لعام وكانوا على علم متصل بما في ديار الآخرين يتسقطون الأخبار عما يحدث بين أقصى الجنوب الشرقي في عُمان وأقصى الشمال من بلاد الشام كما كانت منبراً يبلغ الحاضر فيه الغائب بما أعلن فيها وما عقد من معاهدات بين القبائل وتذاع فيها أسماء من يخلعون من قبائلهم فتسقط بذلك حقوقهم حيث ظل العرب على هذا سنوات طويلة حتى توحدت لهجاتهم توحداً وثيقاً لاسيما من حاجتهم في الأسواق إلى التفاهم في التجارة وفي كتابة العقود والعهود بدقة ووضوح وكذلك من تباريهم شعراً وكانت هذه إحدى ثمرات وفوائد هذه السوق التي استمرت على حالها وبنشاطها مقصداً للشعراء والبلغاء والحكماء والتجار والرواة بعد الإسلام ردحاً من الزمن حتى طالتها فتنة الحروريين في العام 129 بعد الهجرة لتندثر شيئاً فشيئاً ويخفت صيتها كأن لم تكن في يوم من أهم أسواق العرب التجارية وأكبر منتدياتهم الثقافية والفكرية .
ولم تكن سوق عكاظ مكاناً ينشد فيه الشعر فحسب ولا موسماً لاجتماع القبائل له دوره السياسي والاجتماعي الكبير فقط بل صارت سوق عكاظ منبراً إعلامياً يجتمع فيه شيوخ قبائل العرب بعشائرهم وتعقد فيه مواثيق وتنقض فيه أخرى كما كانت السوق مضماراً لسباقات الفروسية وسوقاً تجارية واسعة تقصدها قوافل التجار القادمين من الشام وفارس والروم واليمن ومنتدى تطلق فيه الألقاب على الشعراء والفرسان والقبائل وغير ذلك ومنبراً خطابياً تقال فيه الخطب وينصت له الناس , ومجلساً للحكمة تحفظ فيه الحكم وتسير بها الركبان ويتمثل بها الناس .
وتقع سوق عكاظ كما يصفها المؤرخون والجغرافيون على مسافة ثلاثة أيام من مكة المكرمة ناحية الجنوب الشرقي ومسافة يوم من الطائف وكانت تقام في مكان فسيح جداً في سهل يعرف مكانه رواد السوق من القبائل المجاورة وقوافل التجار والشعراء وغيرهم . وكانت كبرى أسواق العرب في الجاهلية وفجر الإسلام وتعد مع سوقي المجنة وذي المجاز أسواقاً لمكة وقريش وهي أقرب أسواق القبائل العربية إليها وكانت الأسواق الثلاث تقام في الأشهر الحرم وسوق عكاظ بالذات كانت تقام سنوياً في ذي القعدة قبيل بدء موسم الحج .
وقد هيأ الله لحكومة المملكة العربية السعودية بعد 1300 عام من اندثار السوق أن تحييها من جديد وتشعل جذوتها شعراً وأدباً وتعيد دورها الثقافي ومكنتها من أن تكون علامة مسجلة تاريخياً للثقافة العربية بعد أن اضطلع صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل بن عبدالعزيز أمير منطقة مكة المكرمة بمهمة إحيائها من جديد مانحاً أقصى درجات الاهتمام للقيمة التاريخية التي تمثلها هذه السوق في التاريخ والثقافة العربية والإنسانية فقامت في دورتها الأولى عام 1428ه وتوالت سنواتها منذ ذلك الحين وهي تقدم الفعاليات والبرامج وتمنح الجوائز التشجيعية لفروع الثقافة والأدب وتتطور من عام لعام وتستقطب الزوار من داخل المملكة وخارجها .
ويجسد هذا الاهتمام الرعاية المتواصلة من حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود حفظه الله على الدعم والاهتمام بكل ما يدفع بمسيرة الثقافة والوعي والأدب وذلك إيماناً منها بالقيمة الثقافية الريادية لسوق عكاظ وما يمكن أن تمثله السوق للحركة الثقافية والأدبية في هذا الوطن حيث تأتي أهمية سوق عكاظ اليوم في كونها ملتقى شعرياً وفنياً وتاريخياً فريداً من نوعه يقصده المثقفون والمهتمون بشؤون الأدب والثقافة انسين بالعروض الشعبية الأصيلة ومنصتين إلى الكلمة الشاعرية العذبة ومستمتعين بالقيمة المعرفية والثقافية التي تقدمها السوق من خلال الندوات والمحاضرات والفعاليات .
وتتنوع الأنشطة في سوق عكاظ لتقدم للزائر مهرجاناً ثرياً في محتواه يعيد تأصيل القيم الأخلاقية والتاريخية والثقافية لدى العرب باتصاله بسوق عكاظ التاريخي التي مثّلت هذا الدور لدى العرب وقبائلها.
كما تعيد سوق عكاظ إلى الأذهان أمجاد العرب وتراثهم الأصيل وتستعرض ما حفظه ديوان العرب من عيون الشعر ومعلقاته وتقدم في كل مهرجان احتفالاً واحتفاءً بأحد شعراء المعلقات لتؤكد اتصال التراث بالحاضر وتجدد المحافظة على الماضي وما حفل به من تاريخ وأحداث وأمجاد .
والسوق تشكل بالإضافة إلى ذلك معلماً سياحياً فريداً في المملكة العربية السعودية ورافداً مهماً من روافد السياحة إذ تقوم السوق اليوم في ذات المكان الذي تقع فيه سوق عكاظ التاريخي ويقصدها اليوم الكثير من السائحين لمشاهدة السوق كمعلم تاريخي ضارب في جذور الماضي ما زال يحتفظ بعبق التاريخ وبريق الحاضر .
ويجد زائر السوق مفارقة تجمع بين التقنيات الحديثة التي تم توفيرها في مكان المهرجان مع جغرافية المكان وبين قيمتها التاريخية الأصيلة التي تم تحديدها بعد دراسة الآثار المتاحة وتحديد الأودية والجبال وفق الوثائق المدروسة بعناية لتحديد موقع السوق بدقة وبكفاءة علمية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.