ليس من الإنصاف أنْ يتساوى العاملون والقاعدون ، وعندما تدخل المحسوبيَّة من الباب ، يخرج الإنصاف من المدخنة!! وهذا يتجلَّى في مُحاربة الفساد والمُفسدين. بين الظُّلم الظاهر والعدل الخفي خيط رفيع ، لا يراه إلَّا أهلُ الإنصاف. إذا لم نُطالب بحقوق الناس والإنصاف بينهم ، فلا خير في علمٍ نتعلَّمه. من الخصال الحميدة التي ارتكزت عليها رُؤية 2030م ، أنْ نعطيَ كل ذي حقٍّ حقَّه ، على كُل المستويات وفي كل المجالات. فإذا كان الإنصاف دولة ، فإن الباطل له جولة ولن يدوم ، فالله سبحانه وتعالى يُقيِّم الدولة العادلة وإنْ كانت كافرة ، ولا يُقيِّم الظالمة وإنْ كانت مُسلمة. دولتنا - رعاها الله تعالى- دولة عادلة ، تسعى دوماً لأنْ تحكُم بالعدل ، ولها صولات وجولات في توطيد الحُكم العادل، وترسيخ مبادئ العدل والمساوة وبث روح الإنصاف لدى الجميع ، وهذا من الواجبات. لن تكُن مُنصفاً مالم تكُن إنساناً ، فالإنصاف صفة الإنسانية ، وقيل : لوكان للأديان بصمة ، لكان العدل والإنصاف بصمةً للإسلام. ليس من الإنصاف أنْ تطلب من الآخرين ما لست أنتَ مُستعدَّاً لِفعلهِ. قال الحسن البصري:( إذا لم يعدل المُعلِّم بين الصبيان ، كُتِبَ من الظلمة). ليكُن هناك عدالة وإنصاف وإلَّا تلاشى العالم ، ومن ليس لديه إنصاف ، فإنَّ لديه حسد وغُلو وحُب الذات. فمتى شعر الإنسان من آخر بإنكار شيء من فضله ، أو بتعسفه في مُعارضة رأيه .. رأهُ غير موضع للصحبة والمُعاشرة ، ورُبَّما وقع في ظنه أنَّ الراحة في عدم لقائه. قِلَّة الإنصاف تجر إلى التقاطع ، والإنصاف يدعو إلى الأُلفة ، ويُؤكِّد صِلة الصداقة. أنصفت الرؤية 2030م منذُ انطلاقها المرأة ، فليس من الإنصاف أنْ تخضع المرأة لتشريع لا رأي لها فيه ، ولم تكُن المرأة رقماً صفريَّاً فيما سبق ، بل شريكة للرجل في كثير من جوانب الحياة ، ولكن بقدر يسير ، فجاءت الرؤية وبدأ عدَّاد المرأة في تسارع وتسجيل أرقام جديدة ، رغم حصَّة النساء من المناصب القيادية تتراجع ، كُلَّما تقدَّمت المناصب والأدوار إلى مراتب أعلى ، وتلك من طبيعة القوامة. ومن مجانبة الإنصاف : ذِكر المحاسن والتستر على المعايب . قال محمد بن سيرين - رحمه الله- :( ظُلم أخيك أنْ تذكر منه أسوأ ما تعلم ، وتكتم خيره). قال الشاعر: إنْ يسمعوا ريبةً طاروا بها فرحاً ..... منِّي وما سمعوا من صالحٍ دفنُوا!! قال تعالى:( ولا تبخسوا الناس أشياءَهُم). قال شيخُ الإسلام ابن تيمية- رحمه الله-:( وأُمور الناس إنما تستقيم في الدنيا مع العدل...). وقال تلميذه ابن القيِّم عن خُلُق الإنصاف:( واللهُ تعالى يُحبُّ الإنصاف ، بل هو أفضل حِلْية تحلَّى بها الرجل). بعضُ الناس إذا جاء إلى حبيبه اغتفر له خطأه ، بل رُبَّما أنزله منزلة المنقبة. وإذا جاء إلى من يكره ، فلا يذكر إلَّا سيئاته ، وكُل ذلك بسبب عدم الإنصاف. . . نسألُ اللهَ تعالى أنْ يجعلنا من المُنصفين.