يبقى الدور الذي يقوم به الأطباء في علاج المرضى واضحًا ولا ينكره أحد في ظل الظروف الصعبة التي يعملون بها وقد أثبتت مؤخراً جائحة كورونا دورهم الفعال في التصدي لها والتضحيات الكبيرة التي ما زالوا يقدمونها مما عرضهم لاكتساب العدوى في سبيل إنقاذ حياة الآخرين . إلا أن هناك مشكلة ظهرت في هذا المجال المهم في حياة البشرية ألا وهي الأخطاء الطبية التي بدأت تتصاعد حدة وتيرتها وتزيد خطورتها وضبابيتها وكأنها شبح يلوح في الأفق . فقد نشرت وسائل التواصل الاجتماعي صباح هذا اليوم خبراً مفاده فجيعة أحد المواطنين بوفاة طفله الرضيع في أحد المستشفيات الحكومية بعد أحداث دراماتيكية متسارعة؛ فقد دخل الطفل المستشفى سليمًا إلا من ارتفاع في درجة الحرارة، وخلال ساعات استلمه والده جثة هامدة؛ حيث انكسرت مسحة الفحص الكورونية في حلق الطفل، ثم تم تخديره تخديرًا كاملًا لإجراء عملية لاستخراج المسحة من حلقه، ليفقد الوعي بعدها ثم يلفظ أنفاسه تاركاً بعده أماً مكلومة وأباً مفجوعاً في فلذة كبدهما ولن يخفف حزنهما إلا الكشف عن حقيقة هذا الخطأ الطبي الفادح ومحاسبة كل من تسبب فيه . ولا شك أن قضايا الأخطاء الطبية مهما كانت نسبتها سوف تظل محل اهتمام المجتمع لاتصالها بحياة الإنسان المكفولة بالحفظ والصون في الشريعة الإسلامية والقوانين والمواثيق الدولية لاسيما أن بعض الأخطاء أصابت المجتمع بالخوف، وتحتاج إلى قوانين رادعة تكفل منع تكرارها، فالطبيب مسؤول عما يستعمله من أدوات ومسؤول حال تقصيره في واجباته الطبية سواء بسبب عدم تشخيصه الصحيح للحالة أو الإهمال، وسوء التصرف عند مباشرته للكشف على المريض فعمل الطبيب يقتضي أن يكون أمينًا ومؤهلًا علمًا وعملاً لتعلقه بفرض من فروض الكفايات وهو حفظ النفس البشرية وصونها . لذلك يجب أن تكون هناك قوانين واضحة وصارمة للحصول على ترخيص لمزاولة مهنة الطب، وإعادة النظر في بنود وشروط التأمين ضد الأخطاء الطبية ، واعتماد وثيقة تأمين موحدة وفرض إلزامية التأمين الطبي على جميع الممارسين الصحيين في جميع المستشفيات الحكومية منها والخاصة، هذا بالإضافة إلى الأخذ بالديات المقررة شرعاً وتطبيقها كاملة من قبل الهيئة الصحية الشرعية عند تقدير التعويض عن الضرر الناشئ عن الخطأ الطبي بحيث يكون التعويض عادلاً كافياً لمحو كل الأضرار التي لحقت بالمريض وأهله .