جاءت كلمة وإطلالة الملك الأب خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز -حفظه الله- وتأكيده على الحرص على سلامة المواطن والمقيم والسير بعزيمة لعبور هذه الجائحة التي شملت بلدان العالم، بمثابة خارطة طريق لمواجهة تحديات المرحلة، وتتويجاً لكافة الجهود والإجراءات الاستباقية التي تبذلها حكومتناالرشيدة بكافة قطاعاتها منذ صدور أول قرار لها بخصوص التعامل مع فيروس كورونا المستجد في يوم 21 يناير 2020م . ومن ضمن القرارات المبكرة التي اتخذتها الحكومة تعليق الدراسة والتحول الى التعليم عن بعد وكذلك تعليق الحضور لمقرات العمل وتفعيل إجراءات العمل عن بعد، مدعومة بيقين راسخ في توفيق الله وفضله، ثم ثقة لا متناهية في قوة البنية التحتية الرقمية المتقدمة للمملكة التي تعد نتاجاً طبيعياً وحصاداً مباركاً لوجوداستراتيجيات واضحة للتحول الرقمي بالمملكة أسهمت في ارتفاع مستوى نضج الخدمات الرقمية في جميع القطاعات الحكومية، وقد بدأت هذهالاستراتيجيات منذ أكثر من 16 عاماً عندما شرعت المملكة في إنشاء برنامج للحكومة الإلكترونية عام 1424ه والذي نتج عنه تطبيق برنامج التعاملاتالإلكترونية الحكومية (يسّر) عام 1426ه والذى كان له الأثر الأكبر في دعم مسيرة التحول الرقمي والربط بين القطاعات الحكومية المختلفة وفقاً لسياسات الدولة وتحفيز القطاعات على تبنى أفضل الممارسات التقنية. وقد أثمرت هذه الجهود المؤسسية في ارتفاع ترتيب المملكة في تبني تقنيات الاتصالات والمعلومات 16 مركزاً ضمن مؤشر التنافسية العالمي في عام 2019م، مدفوعةً بشكل أساسي بزيادة انتشار خدمة النطاق العريض المتنقل وزيادة عدد مستخدمي الإنترنت في المملكة وحصول المملكة العربية السعودية ممثلةً في وزارة الإتصالات وتقنية المعلومات جائزة الحكومة الرائدة في ملتقى الموبايل العالمي MWC2020. وتمثل تجربة وزارة التعليم في التحول الرقمي شاهداً واضحاً ودليلاً دامغاً على عظمة هذا الوطن المعطاء، وأنه في غضون ساعات قليلة تحولت استراتيجيات التدريس والتعلم بكافة المؤسسات التعليمية بالتعليم العام والجامعي إلى حياة رقمية كاملة ينعم فيها الطلبة ومعلموهم باستمرارية التعليم والتعلم دون توقف منذصدور القرارات الخاصة بتعليق الدراسة كإجراء احترازي لمواجهة فيروس كورونا. ولعل النظرة السريعة إلى إحصاءات الجامعات السعودية في تفعيل التعليم عن بعد على منصة البلاك بورد في أسبوع واحد توضح ضخامة الجهد وعظمة الإنجاز؛ فقد بلغ عدد المحاضرات الأسبوعية أكثر من مليون وأربعمائة وعشرون ألف محاضرة، وأكثر من 100 ألف فصل افتراضي، وإجمالي وقت التسجيل للمحاضرات ستة ملايين وثلاثمائة وخمسين ألف ساعة ، وعدد المناقشات المنعقدة على المنصة التعليمية سبعة ملايين وثمانمائة وثلاثة عشرين ألف مرة، وعددمرات التصفح للمحتوى العلمي من قبل الطلاب خمسة ملايين وتسعة وخمسين ألف مرة، وعدد التقييمات الإلكترونية من قبل أعضاء التدريس المنعقدة علىالمنصة التعليمية مائتان وأربعون ألف تقييم. وفي الختام فإني أدعو المجتمع التعليمي بكافة قطاعاته وأفراده إلى تأمل هذه التجربة الفريدة التي تقدمها المملكة العربية السعودية والتي تعد بمثابة نموذجاًيُحتذى به في التحول الرقمي لقطاع التعليم، ويكفي أن نعرف أن التعليم عن بعد يمثل سوقاً جديداً للاستثمار يتميز بالقفزات السريعة فقد كان العائد منه17.2 مليار ريال في عام 2008م ليصل الى 165 مليار ريال في 2015م ومن المتوقع أن يصل إلى 240 مليار ريال خلال العام القادم. وأن يكون أفراد المجتمع التعليمي أكثر استبصاراً واستعداداً للتعامل مع تحدياته التي من أبرزها كيفية التعامل مع تحدى تقييم الطالب عن بعد بما يمكننا منتقييم التحصيل العلمي للطالب والتأكد من تحقيق نواتج التعلم المرجو حتى نتمكن من مواكبة متطلبات تحسين جودة التعلم الإلكتروني وفق المعايير العالمية. خالد بن حاتم المطيري مستشار معالي مدير جامعة أم القرى للتحول الرقمي عميد عمادة التعلم الالكتروني والتعليم عن بعد المشرف العام على الإدارة العامة للخدمات التعليمية جامعة ام القرى [email protected]