سلسلة مبادرة لا نهضة الا بالصناعة 52 مما لا شك فيه أن انتشار أي فيروس جديد في دولة ما يسبب قلقاً عالمياً، فما بالنا إذا كانت هذه الدولة هي الصين، صاحبة ثاني أكبر اقتصاد في العالم بعد الولاياتالمتحدةالأمريكية، بالتأكيد سيؤدي إلى خسائر كبيرة لمعظم دول العالم، فبرغم من انتشار فيروس كورونا منذ عدة أسابيع قليلة، إلا أنه تسبب في خسائر قدرت ب160 مليار دولار وفقًا لتقديرات وكالة بلومبرج، فماذا إذا استمر هذا الفيروس عدة شهور أخرى في بكين، ناهيك عن انتشاره في دول أخرى مثل اليابان وكوريا الجنوبية، لا أريد أن أكون صادمًا ومتشائمًا وأقول أن الاقتصاد العالمي سيُصاب بالشلل، إذا أستمر هذا الفيروس في الانتشار دون إيجاد علاج، لكن تلك هي الحقيقة. إن التأثيرات السلبية لهذا الفيروس على اقتصاد دول العالم لا يمكن حصرها، خاصة أنها متسارعة، وتؤثر على كافة دول العالم، فما من دولة يقترب منها هذا الخطر، إلا وتتخذ إجراءات احترازية شديدة، حفاظًا على صحة مواطنيها، وهذا بالتأكيد له تكلفة اقتصادية باهظة، وأكبر تأثير اقتصادي لهذا الفيروس على بلادنا الحبيبة حتى الآن، تعليق رحلات العمرة مؤقتًا، خاصة إذا علمت أن عائدات الحج والعمرة تصل ل 12 مليار دولار من خلال حجوزات الفنادق والمواصلات والهدايا والطعام والرسوم وغيرها وفقًا لمركز (بي.إم.إي ريسيرش)، وهذا يعني أن استمرار هذا التعليق لا قدر الله لمدة عام، خسارة بلادنا هذه الأموال، خلاف تعطيل مناسك مقدسة يتعلق بها قلوب1.8 مليار مسلم . ليس هذا فقط ، فانتشار كورنا في الصين أدى لغلق العديد من المصانع، وانحصار حركة التجارة الصينية إلى حد ما، وهو ما انعكس على انخفاض أسعار النفط، فلك أن تعلم أن أسعار النفط في السوق الدولية مطلع يناير 2020 بلغت 66.2 دولارا لبرميل خام برنت، و61.1 دولارا للبرميل من الخام الأميركي، أي أن نسبة التراجع في أسعار النفط بسبب كورونا بلغت 13.8% لخام برنت و14.7% للخام الأميركي، ولكن هذا الانخفاض رغم ارتفاعه نسبيًا، لم يؤثر على ميزانيات الدول النفطية لحسن الحظ حتى الآن، وهذا يرجع إلى أن غالبة الدول النفطية أعدت ميزانية 2020 لتقديرات ضعيفة لأسعار النفط، فالسعودية مثلا أعدت تقديرات ميزانيتها عند سعر 55 دولارا لبرميل النفط، والجزائر عند 45 دولارا للبرميل، وذلك بسبب التحسب للسيناريوهات السيئة لأزمة الحرب التجارية بين الصين وأميركا. إن تأثير أزمة كورونا على دول الخليج بصفة خاصة كبيرة للغاية، خاصة إذا علمت أن التبادل التجاري لدول مجلس التعاون مع الصين في 2018 بلغ 173 مليار دولار، منها نحو 97 مليارا صادرات سلعية خليجية للصين -وتشكل الصادرات النفطية نسبة 81% من إجمالي الصادرات السلعية للعالم في العام ذاته- بينما بلغت الواردات السلعية للدول الخليجية من الصين نحو 75 مليار دولار، وهذا يعني أن استمرار تدهور أوضاع مواجهة كورونا في الصين، من شأنه أن ينعكس بالسلب على التبادل التجاري، بين الصين ودول الخليج، من خلال قلة الصادرات الخليجية خاصة النفط. ولك أن تعلم أن استمرار كورونا لن يؤثر فقط على التبادل التجاري مع مجلس التعاون الخليجي، بل من شأنه أن يؤدي إلى قلة الاستثمارات الأجنبية الصينة في العالم العربي، خاصة إذا علمت أن الصين كانت تستهدف ضخ 130 مليار دولار على مدار السنوات الخمس القادمة، في إطار مشروعات طريق الحرير، وبلا شك فإن الكثير من الدول العربية كانت لها نصيب كبير من هذه الاستثمارات، نظرًا للارتباط الاقتصادي الوثيق بالصين، فعلى سبيل المثال لا الحصر، تقدر الاستثمارات التراكمية للصين في العراق حديثا بنحو 20 مليار دولار، تتركز في قطاع النفط والغاز الطبيعي، أما الجزائر فتستحوذ الصين على تنفيذ مشروعات كبرى من طرق ومناطق صناعية، وتوسعة مطار الجزائر، خلاف مشروع ميناء الحمدانية وما يرتبط به من طرق وسكك حديدية، الذي تصل تكلفته ل 3.3 مليارات دولار. إن انتشار هذا الفيروس الجديد أدى لقلة حركة السفر والسياحة، وهذا الأمر انعكس بالسلب على شركات الطيران، والسياحة في كل أنحاء العالم، خوفًا من الإختلاط وانتشار الفيروس، فخسائر شركات الطيران وصلت ل 27.8 مليار دولار ، يتحمل الجزء الأكبر منها شركات نقل مسجلة في الصين، بلغت خسائرها 12.8 مليار دولار وفقًا للاتحاد الدولي للنقل الجوي "الإياتا"، وهذا الخسائر بلغت حوالي 13٪ في انخفاض أعداد الركاب وذلك وفقا للمؤشرات الأولية، بسبب تفشي فيروس "كورونا". أما خسائر قطاع السياحة على مستوى العالم كبيرة للغاية، وهذا سيؤدي إلى انتشار البطالة في الكثير من الدول، فخسائر قطاع السياحة العالمي قدرت ب22 مليار دولار، مع تراجع نفقات السياح الصينيين، وفقًا لرئيسة المجلس العالمي للسفر والسياحة "غلوريا"، ولك أن تعلم أن هناك دول سياحية تأثرت بشكل بالغ بسبب هذا الفيروس، فعلى سبيل المثال لا الحصر، وصلت عمليات إلغاء حجوزات السياحة إلى إيطاليا ل90% في شهر مارس المقبل، بسبب انتشار فيروس كورونا، حسبما قالت هيئة قطاع السياحة الإيطالية، خوفا من الإصابة بعدوى فيروس كورونا، مما ينذر بتداعيات سلبية على الاقتصاد الإيطالى في الفترة المقبلة. وأخيرًا وليس آخرًا، فيبقى التساؤل الذى يبادر الى عقلي، ماذا لو لم يتم احتواء كورونا وظل الوباء ينتشر بصورة قوية؟ لا أريد التهويل أو التهوين من هذا الفيروس الذي يُقدر حجمه بقطره أقل ألف مرة من شعرة الإنسان، ولكن إذا لم يتم السيطرة عليه، فبالتأكيد سيكون السيناريو مخيف.