عبدالمحسن محمد الحارثي يبدو أنَّ ماضي سُوق عُكاظ كان جميلاً ؛ لأنهُ انتهى ، ولكنَّهُ سيعُود بثوبهِ الجديد ؛ لأنَّ الإنسان السعودي العربي الأصيل ، أبى أنْ يأفُل نجمه ؛ لأنَّ هذا الإنسان نظر إلى ماضيه وقرأ عنه وتذكَّره ، وينظر اليوم في حاضره ، ويترقَّب مستقبله. يقول ويلسون :( الذكرياتُ مِفتاحُ المُستقبل ، لا مفتاح الماضي ) . وحينما نلتفتُ إلى الماضي ، فإننا نعيشُ الحاضر ، وما مضى فات ، والمُؤمَّل في عِلم الغيب ، فقط لنا الساعة التي نعيشُ فيها! لذا علينا أنْ نتمسَّك بحاضرنا ، وأنْ نُشعِل فِكرنا في غدِنا ؛ لأن حاضرنا امتدادٌ لماضينا ، وغدُنا امتدادٌ لحاضرنا . يقول إنشتاين : ( لم أُفكِّر قط في المُستقبل : إنَّهُ يأتي في الوقت المُناسب). نعم. ماضي عُكاظ قد ولَّى واندثر ، وحاضره اليوم قد عاد وانتشر ، ومستقبله من موادِّ الحاضِر نفسها.. ولذلك فإنَّ الحكيم يُراقب المستقبل ، كأنَّهُ الحاضِر! قال مكسيم غوركي:( في كنف ِ المُستقبل تحديداً ؛ يختبئ الأجملُ والأسمى ). نهارُ عُكاظ لهُ عينٌ واحدة ، بينما ليلُه ، فلهُ ألف عين ، لكنَّ يومهُ ، وأنت تنتظرهُ ، كأنَّهُ سنة ، وحينما يأتي ، كأنَّه ساعة!! لقد أشغل هذا السوق من عاش فيه في الماضي ، ودوَّنهُ الأموات للأحياء ، كي يعيشوا الماضي ، ومكتوبٌ على الذين لم يعيشوه أنْ يُجرِّبوه بحُلَّتهِ الجديدة ، وأنْ يكون الماضي بالنسبةِ لهم مِنصَّة للقفز لا للاسترخاء . إن تاريخ سُوق عُكاظ ذاكرة للإنسانية ، واليوم التاريخُ يُعيد نفسه ؛ لأنَّ تاريخ عكاظ ، هو إحياءٌ لحياةِ العصر الجاهلي. بكُل مظاهره الخارجية والداخلية العميقة ، فهل نستطيع أنْ نُبرز دور الإسلام في تعزيز الإيجابيات التي كانوا عليها ، ودوره في مُحاربة السلبيات ؟!! يجبُ على سوق عُكاظ إبراز إيجابيات الإسلام ، في مُحاربة الرذيلة والعنصرية ، وبيان لمدرسة محمد عليه السلام ، في زرع الفضائل ، ونبذ الرذائل ، وإماطة اللثام عن الأخطاء الشائعة ، وكشف المظاهر الزائفة التي تُغري الناس.