عبدالرحمن حسن جان* رغم أن مرحلة المراهقة ضمن مراحل نمو الإنسان الطبيعية ، الذي ينتقل من خلالها من مرحلة الطفولة إلى مرحلة الشباب إلا أن بها بعض التغيرات الجسمية ، والانفعالية التي تحدث للمراهق فهو يتأرجح بين صفات الطفولة وبين صفات الشباب ويسعى جاهداً للإنضمام إلى ركب الكبار والإثبات للجميع أنه قادراً على تحمل المسئولية ، فهي مرحلة معاناة للمراهقين ووالديهم لذلك اُشتُق مصطلح المراهقة من الإرهاق ، ومن المعاناة التي تواجه المراهق الإصطدام بالمحيطين به بسبب ما يمر به من تغيرات فهو يبغض معاملته كطفل ، مع جهل والديه لمهارة التعامل معه . هناك مهارات أو فنيات يفترض أن يتعامل بها الوالدين مع المراهقين حتى يجتازون معهم بسلام خندق المراهقة – كما وصفه كاتب هذا المقال – إلى بر الأمان ، ولفعل ذلك ينبغى أولاً فهم طبيعة هذا المراهق وما يضايقه . يقول الشيخ محمد صالح المنجد ، من طبيعة المراهق أنه يحب من يمدحه ، ويكره من ينتقده ، ويستمتع بمخالفة الأوامر ، ويريد إثبات أنه أصبح كبيراً ، ويحب الانفراد برأيه ، ويميل للعناد ويستجلبه ، ويؤثر فيه الثناء عليه وأخذ رأيه وإعطاؤه القيمة ، وضميره حي ، وعاطفته جياشه ، ووفيَّ لمن يصادقه ، ويؤثر فيه الحوار والاقناع بقالب المحبة . يمكن استعراض فنون التعامل مع المراهقين كما يراها المختصين وبتصرف كالتالي : 1- التركيز على إيجابياته وتدعيمها كمحافظته على واجباته الدينية في المقام الأول ثم على تفوقه الدراسي وغيرها من الإيجابيات التي يتميز بها كل إبن عن الآخر وفي المقابل التغافل عن سلبياته . 2- إبلاغه بأنك تحبه ، وعبر له بالفعل عن ذلك كإلقاء السلام عليه وتقديم الهدايا له بين الحين والأخر ، ومعاملة أصدقائه بالحسنى وإكرامهم واحترامه أمامهم ، والدعاء للإبن في ظهْر الغيب ، أو حتى في وجوده ، والثناء عليه في غيابه ، وإعطائه كُنية يحبُّها . 3- اختصر نصائحك مع المراهق قدر المستطاع ، فالحديث الطويل يشعره بالملل وخصوصاً من الوالدين ، ولا تطيل عند الإجابة على أسئلته ، ولا تضع نفسك في موضع المحقق بكثرة الأسئلة ، يقول الدكتور مأمون المبيض في كتابه: “من الطفولة إلى الشباب”: “من غير المعقول أن تتوقَّع أن يُخبرك المراهق بكلِّ شيءٍ في حياته، فهو يهوى أن تكون له أسراره التي تُشعره باستقلاليَّته وحريَّته”. 4- تعرف على اهتمامات وهوايات إبنك وتحدث معه فيها فإن كان يحب عالم السيارات فتحدث معه عن ذلك ، وإن كان يحب الرياضة تحدث معه عنها وهكذا . 5- صارح ابنك كما تصارح صديقك لتشجيعه على مصارحتك فتقوى العلاقة بينكما ؛ يقول محمد السويني في سلسلة نصائح دمع الفرح : “علِّم الأبناء المصارحة بالمحادثة ، والكتابة والتوسُّط عن طريق شخصٍ آخر”. ونصارحهم نحن بهمومنا أولاً ، ثم بعد ذلك سيبادلوننا الشعور . 6- شارك ابنك المراهق في نشاط معيَّن فذلك يُعَد عاملاً إيجابيًّا في تميُّز الإبن وبناء شخصيَّته ، وكذا علاجه من بعض المتاعب والأمراض النفسيَّة . 7- شارك إبنك في عباداته فالمراهقون والمراهقات مهيَّؤون تمامًا للتديُّن والاستقامة على الدين بطبيعتهم ؛ يقول الدكتور معروف زريق في كتابه : “خفايا المراهقة”: “ويحقِّق الدِّين بالنسبة للمراهق ارتياحًا نفسيًّا واطمئنانًا داخليًّا، بعد أزمات عنيفة مرَّت به ، وأحدثت هزَّات في كِيانه ، فهو ملاذٌ أمين يلجأ إليه المراهق كلما عَصَفت به مشكلة، وكما أنَّ الله – عزَّ وجلَّ – فجَّر العاطفة الجنسيَّة عند المراهق، فجَّر العاطفة الرُّوحية للتعلُّق به”. وأمَّا الفئة غير المتديِّنة من المراهقين، فإنك ستجد حتمًا صارفًا صرَفهم عن طبيعتهم؛ إمَّا أصدقاء السُّوء، أو أجهزة فساد تحارِب الثقوب في قلوبهم . 8- اعْطِه الفرصة ليُفصح عن آرائه فهذا يساعده على تكوين وإثبات ذاته ، ويُساعده على النضوج العقلي المبني على التفاهُم والأخْذ والردِّ . 9- عدم نُصحه وتوجيهه أمام الآخرين ، أو إهانته أو انتقاصه بذِكر عيوبه وأخطائه ، وذلك لفرط حساسيته ولعدم مضايقته . 10 – عدم التسرُّع في تصحيح الحقائق للمُراهق ، فهو بطبيعة مراهقته عنيد ولن يتقبل من أيِّ شخصٍ إذا تعامَل معه بأسلوب فيه أمرٌ ونَهي وفرْض ، فلا بدَّ من الحوار معه بحب . 11- مراعاة خصوصيَّاته وعدم التدخل مباشرة في حياته، ومراقبته من بعيد دون أن التجسَّس عليه . 12- لا تصفه بالذات أمام الآخرين أو بمفرده ، وخصوصاً ذكر سلبياته في صغره ، فهذا يؤْذيه إيذاءً شديداً ، ولا يساعد في تحسُّن سلوكه ؛ كاستخدام البعض لعبارات: “أنت فاشل، لا مستقبل لك، لا تنفع في شيء، سارق، كذَّاب… إلخ”. 13- ساعِدْه على إيجاد ثقته في نفسه ، بتحميله بعض المسؤوليَّات ، وتكليفه ببعض أعمال الراشدين ، وإيَّاك أن تُعالج أخطاءَه حالاً ومباشرة ، بسبب ما أسندت إليه من مهام . 14- ساعِدْه على اكتساب الخبرات ، وذلك عن طريق تجاربه ومواقفه الشخصيَّة ، وذلك بالتشجيع الإيجابي، فمن الظُّلم إنكار أنه يُدرك الأشياء ، أو أن تُهاجم خِبرته . 15- مُساعدته على تحقيق أهداف بعيدة ، كأن يطمح أن يكون شيئًا ما في المستقبل، فعلينا أن نأخذ بيده ونساعده، ونُدربه على التخطيط والسَّيْر على خُطوات . 16- تجنب الإيحاءات العكسيَّة واستخدم ضدها ، فمثلاً عندما يحدث خطأ منه، أو يعجز عن فعْل شيءٍ لا نقول له: “لا تستطيع”، ولكن نقول له : حاول أو جرب . 17- ساعِدْه على الفطام النفسي ، بإشعاره أنه أصبحَ رجلاً، وأنه أصبح مسؤولاً أمام الله والمجتمع عن تصرُّفاته، وأعْطِه شيئًا من الاستقلاليَّة والاعتماد على الذات. 18- استخدم معه الخطوات الخمس لحلِّ مشكلة المراهق: أ- أن تُشعره بأنَّك مُتفَهِّم لمشاعره وأحاسيسه. ب- ما هي الحلول الممكنة لحل المشكلة؟ ج- اختيار أفضل الحلول لحلِّ المشكلة. د- السؤال والمتابعة. ه- الدعاء له بالتوفيق والنجاح. 19- استخدام أسلوب “أنا” لحل مشكلتك: هذا الأسلوب يعتمد على وصْف مشاعر المتكلم باستخدام لفظة “أنا” مثلاً: أنا يتعبني كذا ، أنا أتأسَّف من كذا ، أنا أحبُّ كذا . مثلاً: “الابن تأخَّر، فالأب يقول: ابني يزعجني تأخُّرك، عبارة قصيرة وصَفت المشاعر دون مشكلات وإزعاج”؛ يقول الله – تعالى -: ﴿ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ﴾ [المؤمنون: 96]. 20- الاعتراف بأنَّ آراءَه ومواقفه تستحقُّ الاستماع، وعندما نرفض آراء المراهقين تزيد المشكلات . ختاماً احذر عند حدوث مشكلة من إبنك المراهق أن تهجره أو تهاجمه ، فيبادلك نفس التصرف ، بل عليك أن تواجه الموقف المشكل برفع درجة الحب بينكما لتخطي المشكلة . المصادر: 1- كتاب بلوغ بلا خجل، للدكتور: أكرم رضا. 2- كتاب مراهقة بلا أزمة، للدكتور: أكرم رضا. 3- أساليب عملية للتعامل مع المراهقين، للأستاذ: هاني العبدالقادر. 4- تربية الشباب، للشيخ محمد الدويش. 5- أساليب عملية في التعامل مع المراهقين، للدكتور مصطفى أبو سعد. 6- فن التعامل مع المراهقين ، للأستاذ جمال بامسعود . *أخصائي أول اجتماعي