!! عبدالمحسن محمد الحارثي تتفاوت عُقول البشر ، ولا عظيم في الأرض إلّا الإنسان ، فأعظمُ ما فيهِ عقله . وهذا التفاوت لم يأتِ من فراغ ، وإنَّما حِكمة إلاهِيَّة ، فلو كان للنَّاس كُلُّهُم عُقُول ؛ لخَرُبتِ الدُّنيا ، كما قال ذلك الحسن البصري . وفي مُقابِل هذا التفاوت العقلي ، نجد أنَّ العقل يتميَّز بالأناة ، وعدم التسرُّع ، إذا ما قارناهُ بالشهوة ، واللذَّة ، ولكنّ سُلطان الشهّوة واللذَّة في الغالب ، ينتصر على سُلطان العقل ؛ لأنَّ العُقلاء مِمَّن يتّسِمُون بِعُمق في التفكير ، ورجاحة في العقل قليلُون ، وقد قيل : أنَّ الشهوةَ تطير ، واللَّذَّة تركض ، والعقل يمشي . ومن أجمل المقولات ، التي قيلت في مثل هذا الأمر ( محدوديَّة عُقول البشر )، ما قالهُ الإمام أحمد السرهندي :( ولو كان العقلُ كافِياً وحده ، لما بعث اللهُ الأنباء )، وهذا دليل على محدوديَّة العقول الفكريَّة ، ولهذا قال الغزالي: خاطِبوا النَّاس على قدر عُقُولهم !! نستطيعُ أنْ نواجه بعقولنا ، كُلَّ شيء ، حتَّى نجد لهُ حلَّاً ، من خلال استخدام عقول الآخرين ، عن طريق الاستشارة ، وطلب المشورة والرأي ، فالعاقل يخجل من عيبوبه ، لكنَّهُ لا يخجل من إصلاحها ، ولا بُدَّ من مُلاءمة عقلي بعقول العالم. إنَّ هذهِ المُلاءمة للعقول ، نوعٌ من الذَّكاء ، ودليلُ عقل المرء فِعْلُهُ ، كما قال أرسطو. يقول رسولنا الكريم :( الجنَّةُ مِئةُ درجة، تِسعٌ وتِسعُون منها لأهل العقل ،وواحدة لِسائِرِ النَّاس). ومن أقواله عليه السلام:( قوام المرء عقله )،( لا دين لِمن لا عقل له) ، ( لا مال أعود من القلب)، ( دواء القلب العقل). فالعقل أحياناً ، يكون ضحيَّة القلب ، لذا قال عليٌ بن أبي طالب:( قاتِل هواك بِعقلك). ولقد وُضِعت القواعد والقوانين لتفاوت العقول ، والوقوع في المحظور … يقول الشاعر الفرزدق : لا خيرَ في حُسنِ الجسومِ ونُبْلِها ❄إنْ لم تَزِنْ حُسنُ الجُسُوم عُقُولُ. وفِعلاً.. *إمبراطوريَّةُ المُستقبل ، هي: إمبراطوريَّة العقل!!*