منذ بداية ارتفاعها الدراماتيكي في القيمة لأكثر من عام، وإثبات مفهوم (Proof-of-concept)، أعلن العديد من المعلقين أن موت بتكوين والعملات الرقمية هي مسألة وقت، قائلين بدلاً من ذلك إن القيمة الحقيقية للعملة الرقمية يمكن العثور عليها في التكنولوجيا الأساسية التي تقف وراءها وهي Blockchain. وخالفها رأي خبراء العملات الرقمية المشفرة، قائلين إن هذا التحليل بسيط للغاية، وأن الأزمة الحالية ما هي إلا واحدة من ظواهر هبوط قيمتها بقوة بعد كل ارتفاع قوي، وينطبق عليها نفس ما ينطبق على أسواق الأسهم. ليظهر على السطح وسط جدال كبير رغبة مزيد من البنوك المركزية والمؤسسات الدولية في الاستفادة من العملات الرقمية المشفرة نحو الاستثمار فيها، رغم المخاطر الجمة التي قد يتعرضون لها لاعتمادها على تكنولوجيا سلسلة الكتل وهي سجل مشترك للتعاملات يُحفظ على شبكة من أجهزة الكمبيوتر المتصلة بالإنترنت بدلا من سلطة مركزية. ولعل انطلاق تجربة “تقنية السجلات الموزعة” “عابر” السعودي – إماراتي في إطار استراتيجية خلوة العزم، لإصدار عملة رقمية بدلاً من مجرد نظام الدفع الجماعي، خاصة إذا كانت قيمته مرتبطة بالريال السعودي والدرهم الإماراتي. كخطوة تُعطي زخمًا جديدًا لخطط ترسيخ التجارة الإلكترونية، ومتانة النظام المصرفي تشجع البلدين على خوض المغامرة في أكبر مشروع اقليمي وعالمي في هذا الإطار، لتقنين أوضاع هذه العملات وحماية المتداولين بها من أي مخاطر قد يتعرضون لها، وليكون الإطلاق بشكل مشترك بدلاً من التنفيذ بشكل مستقل في كل دولة؛ الأمر الذي يعطي فرصاً لانضمام باقي دول الخليج، نظرًا لجنوح دول العالم إلى التركيز على رقمنة اقتصاداتها. ولتعود مشاريعهما التجريبية بالفوائد على الجميع محلياً ودولياً، جاءت الفكرة على فهم ودراسة أبعاد التقنيات الحديثة وجدواها عن كثب لا للسبق في تطبيق التقنيات الحديثة وإنما أيضاً في تطويعها وتطويرها وتقديمها للعالم، من خلال التطبيق الفعلي ومعرفة مدى أثرها على تحسين وخفض تكاليف عمليات التحويل وتقييم المخاطر التقنية وكيفية التعامل معها، إلى جانب تأهيل الكوادر التي ستتعامل مع تقنيات المستقبل، وفهم متطلبات إصدار عملة رقمية تُستخدم بين دولتين، وإيجاد وسيلة إضافية لنظم التحويلات المركزية في البلدين، مع إتاحة المجال أمام البنوك للتعامل مع بعضها البعض بشكل مباشر لتنفيذ التحويلات المالية، بل ويسمح هذا المشروع ببحث امكانية استخدام النظام كنظام احتياطي إضافي للنظم المركزية لتسوية المدفوعات المحلية عند تعطلها لأي سبب. لذلك بدأت الآلية بالنواحي الفنية في المراحل الأولى، واقتصارها على عدد محدود من البنوك في كل دولة، لتتلوها النواحي الاقتصادية والمتطلبات القانونية للاستخدامات المستقبلية. وقفة: إن التطورات الأخيرة في التكنولوجيا الحيوية تمثل تحديات وفرص فريدة للصناعة، مفتاحه أن يفهم ويعي كل من المشاركين في السوق والمنظمين المخاطر التي تنطوي عليها وأفضل الطرق لرصدها والتخفيف منها، لذلك اتخذت المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة نهجًا استباقيًا لاستكشاف استخدام المعاملات الرقمية المُشفرة، بالتزامات علنية للغاية لاحتضان الابتكار كجزء من استراتيجيتهما للمستقبل الحالم.