ألقى خطبة الجمعة هذا اليوم معالي الشيخ الدكتور صالح بن عبدالله بن حميد إمام وخطيب المسجد الحرام مستهلاً خطبته بوصايا نيّرة قائلاً : كيف يتلذذ بالرقاد من ملك الموت أقرب إليه من الوساد ، فليتنبه الغافل ، وليستيقظ النائم ، هل صُمت الآذان عن المواعظ ؟ وهل ذهلت القلوب عن الاعتبار ؟ , موضحاً فضيلته في قوله : إذا زللت فارجع ، وإذا ندمت فاقلع ، وإذا غضبت فأمسك ، من حلم غنم ، ومن خاف سلم ، لا تجعل من نفسك معبراً للشائعات ولا ممراً للغيبة ، فعدوك من بلَّغك ، وليس عدوك من قال فيك. ومبينا معاليه أنه: بعون الله وتوفيقه ، ثم بإرادات واثقة ، وأيد ممدودة من أجل مصالحات رحبة تتخلص الأمة من هذه الخصومات الجوفاء ، والأحقاد العمياء ، في إحسان متبادل ، مستهدفة نصرة دين الله ، وكرامة الأمة ، ومصالح الشعوب ، في جد ومسؤولية ، وقلوب ممتلئة حبا وصدقا ، وصفاء وشجاعة ، في توجه مخلص لاجتماع الكلمة من أجل انتشال الأمة من أوحال الفرقة ، وإنقاذها من الأزمات المفتعلة ، توجه يلم الشمل ، ويرأب الصدع ، لتعود الأمة إلى وحدتها وقوتها ، وتسير على صراط الله المستقيم ، ودين الإسلام القويم . وقال محذراً : إن الذي يظن أن الأعداء يريدون نصر طرف على طرف من المتقاتلين من المسلمين فعليه مراجعة فقهه في الدين ، ورأيه في السياسة ، وموقفه من الأعداء . مردفاً: والله الذي لا اله إلا هو إن أهل الإسلام كلَّهم مستهدفون ، ولا يستثنى من ذلك أحد يقول الله تعالى وقوله الحق ???? وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىَ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُواْ ) البقرة: 217 ، ويقول عز شأنه:( وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِّن بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَدًا مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ ) البقرة: 109 وأوضح معاليه بأن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم تركنا على محجة بيضاء ليلها كنهارها ، وترك فينا ما إن تمسكنا به لن نضل بعده، كتاب الله ، وسنته عليه الصلاة والسلام , وفي التنزيل العزيز: (وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ ) عمران: 103 ومستدلاً بقوله تعالى : (إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً ) المؤمنون: 52 , نعم لقد قال : ( أمة واحدة ) ، ولم يقل توحيد الأمة ، ولا الوحدة الإسلامية مما يدل على إن الأصل في أهل الإسلام أنهم بهذا الدين ( أمة واحدة )، ولم يكونوا متفرقين ثم توحدوا قال تعالى: (مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ ) مشيراً إلى أن : الكتاب والسنة أصلان ثابتان محفوظان لا عدول عنهما ، ولا هدى إلا منهما وبهما ، والعصمة والنجاة لمن تمسك بهما واعتصم بحبلهما , وهما البرهان الواضح ، والفرقان اللائح بين المحق إذا اقتفاهما ، والمبطل إذا جفاهما . منوهاً معاليه : المسلمون تجمعهم وحدة إسلامية تصغر أمامها الأحقاد ، والثارات ، والأطماع ، والرايات ، والعنصريات ، والمذهبيات ، ويجتمع الجميع تحت لواء لا إله إلا الله محمد رسول الله ، والله أكبر ، والعزة لله ولرسوله وللمؤمنين . وأشار معاليه إلى أنّ التعامل الحق مع أهل القبلة هو السبيل لوحدة الأمة تعامل يقوم على قواعد الشريعة وأصولها المستمدة من نصوص الوحيين ، ونهج السلف الصالح. ثم أكد على أن : إن الشعوب الإسلامية برغم ما يبذله الأعداء ، والقوى المتسلطة من محاولات التفريق ، والتشريد ، والنهب ، والسلب ، وجهود التغريب والاستلاب ، فإنها تؤمن إيمانا يقينياً بوحدة أمتها . ومذكراً معاليه بأن الوحدة المنشودة لا تتحقق بالشعارات والأمنيات ، ومجرد الدعوات والادعاءات ، وإنما تكون بإيمان الجميع إيمانا لا يدخله شك بأن وحدة الأمة هي ركن الإسلام . كما أنه ما أنتج الذلَّ والمهانة إلا الفرقةُ والتحزبُ والتعصبُ ، وهو الذي أطمع في الأمة أعداءها ، ومكن من رقابها ، وهون أمرها ، وجعلهم حجة على الإسلام ومبادئه . فمن الفرقة يدخل الضعف ، وتذهب قوة الجماعة . واختتم معالي الشيخ الدكتور صالح بن حميد خطبته بتحذير النبي صلى الله عليه وسلم لنا من العصبية وذلك حين سأله أبي كعب رضي الله عنه قال : أمن العصبية أن يحب الرجل قومه ؟ فقال عليه الصلاة والسلام : لا ، ولكن من العصبية أن ينصر قومه على الظلم .