يواجه المتعافي والتائب من داء ادمان المخدرات عوائق في طريق التعافي ومنها مشكلة الاشتياق للمادة المخدرة بعد الاقلاع عن التعاطي فهناك العديد من المواقف والخبرات أو ما يسمى بالذكريات المصاحبة للمتعاطي أو المدمن خلال مرحلة الاستخدام حيث تكمن المشكلة في أن المتعافي متى ما واجهته مواقف مماثلة في حياته أو في حالة تذكر ماضيه بحلاوته الوهمية فذلك يعد أحد عوامل الانتكاسة والعودة مرة أخرى للتعاطي والادمان والانتكاس مشكلة المشاكل في ميدان علاج الادمان والتي يعاني منها المدمن وأسرته والجهة العلاجية ، ووفقاً لما أوضحته نتائج البحوث العلمية أن الانتكاسة تحتل مرتبة مرتفعة ، وبذلك تضيع سدى جميع الجهود العلاجية المبذولة من قبل المرضى والدولة رعاها الله . مما سبق يمكن تقديم مقترح تجريبي لتطبيق برنامج علاجي للمشكلة المعروضة أعلاه مستمدا مقترحي من تقنية قمع الذكريات ، والتقنية عبارة عن تدريب دماغي يمحو الذكريات المحرجة ، والتقنية كما ذكرت صحيفة " دايلي مايل " البريطانية أن علماء من جامعة " لاند " السويدية أجروا دراسة استنتجوا من خلالها أن قمع الذكريات السيئة لوقت طويل يمكن أن يساهم في نسيانها نهائياً . واستخدم العلماء المسح المقطعي لمراقبة أجزاء من الدماغ تنشط عندما يحاول متطوعون نسيان شيء ما . وتمكن العلماء من تحديد الوقت الذي " تنسى " فيه الذكريات ، وزعموا أن القمع الطويل لذكريات محددة هو الطريقة المؤكدة لمحوها بشكل دائم . وقال الفريق الذي أجرى الدراسة أن التحكم جيداً بهذه التقنية يمكن أن يكون مفيداً للأشخاص الذين يشكون من الاكتئاب أو من اضطراب إجهاد ما بعد التعرض لأزمة . وقال معد الدراسة الرئيسي " غيرد والد هاوسر " نحن نعلم أن المشاعر المنسية أو المقموعة غالباً ما تظهر في ردات فعل فيزيولوجية ، وتم تدريب متطوعينا على نسيان معلومات ، وأضاف أن دراستنا لم تظهر فقط أن بإمكاننا نسيان أمور معينة ، وانما تمكنا من التقاط الوقت المحدد الذي تنسى فيه الذكريات وتفرض حالة من النسيان على الدماغ ، وأشار إلى أنه كلما قمعت المعلومات بشكل متكرر كلما بات من الأصعب استعادتها . وفيما إذا أردنا تطبيق تقنية قمع الذكريات المحرجة أو السيئة في مجال إدمان المخدرات والانتكاسة وعلاجها والاستفادة من تلك التقنية علينا القيام بعملية دراسة الحالات وتشخيصها وتحديد من يتناسب مع هذا الأسلوب العلاجي ومن ثم ممارسة التطبيق والتدريب من خلال قمع أو ازالة أو محاولة نسيان الذكريات المحرجة الملازمة للمتعاطي خلال مرحلة التعاطي ويكون ذلك لوقت طويل وبشكل متكرر مما يساهم في نسيانها ومحوها نهائياً فيكون من الصعوبة استعادتها وبالتالي المحافظة على التعافي من ادمان المخدرات وضمان عدم الانتكاسة بإذن الله ، وكما قيل ان الذكريات التي لا تموت تُميت . آلية مقترحة لاختيار الفئة المستهدفة والمنهجية المفترضة لتقديم الجلسات العلاجية : تتم الاجراءات بواسطة الفريق العلاجي المختص من الأطباء والأخصائيين النفسيين والاجتماعيين العاملين في مصحات علاج ادمان المخدرات من خلال ممارسة آليات طريقة العمل مع الجماعات ، بالإضافة إلى تطبيق تقنيات إزالة المشاعر السلبية ومنها تقنية التربيت (tft) وهي طريقة سهلة وقوية للتخلص من الأفكار والمشاعر السلبية المرتبطة باضطرابات عاطفية معينة منها : الخوف ، الفوبيا من الأماكن المغلقة أو العامة أو المرتفعة ، الخوف من الحشرات ، القلق ، الاضطرابات والضغوط ، الغضب ، الصدمات النفسية السابقة والحالية ، آلام الحب وكسر القلب ، الاكتئاب ، الرغبات المسببة للإدمان ، الشعور بالخجل ، الوسواس والهواجس ، الشعور بالندم والذنب ، التفكر بالماضي ، التغلب على التشاؤم ، التفكير الدائم في نفس المشكلة ، الاحراج ، الرعب ، وعدم قبول الذات . خطوات مقترحة لتطبيق تقنية القمع : أولاً الاعتقاد بأنه قد تم نسيان جميع ما يتعلق بتاريخ تعاطي المخدرات وذلك من شأنه سيحدث تثبيطاً للموضوع المحدد في الذاكرة . ثانياً طرد الأفكار السلبية واستبدالها بأفكار إيجابية . ثالثاً تجنب التحدث مع الآخرين عما كان يشعر به المتعاطي من سعادة وهمية في تلك الفترة . رابعاً الابتعاد عن الأماكن والأشخاص و تجنب جميع مثيرات الانتكاسة . خامساً اضافة المواقف المؤلمة والاضرار الدينية والصحية والنفسية والاجتماعية المترتبة على تعاطي المخدرات وإدمانها إلى تلك الذكريات حسب ما يتناسب مع كل حالة . سادساً شغل أوقات الفراغ بممارسة الهوايات المفضلة أو استحداث هواية جديدة . سابعاً تجنب العزلة والوحدة فتلك الأجواء بيئة خصبة لاستدعاء الذكريات المحرجة . ثامناً تبادل التجارب والخبرات والآراء بين أعضاء جماعة المتعافين عن كيفية التعامل مع المشكلة باستخدام تقنية قمع الذكريات المحرجة وذلك بإشراف وتوجيه من المختصين . وأود التنويه أن المقترح مقدم كتجربة وفرضية لم تخضع للتجربة والقياس العلمي الممنهج ولم تطبق في مجال علاج إدمان المخدرات على حد علمي سوى أن هذه التقنية أقرب لمجموعة العلاج بإزالة الحساسية لمثيرات الانتكاسة المطبقة في مستشفى الأمل بجدة مع وجود بعض الاختلافات وهي مجال جديد لا زال في طور التطور ، وكذلك قريبة من تقنية التربيت مع وجود بعض الفروقات ، كما يجري حالياً في مجال الحيوانات المخبرية تطوير تقنية دوائية لإزالة ذكريات الإدمان حيث أن تغيير ذاكرة البشر هو مبحث شديد الخطورة والمحاذير الأخلاقية ، وقد تم عرض المقترح على عشرة من المختصين من ذوي الخبرة الطويلة في علاج ادمان المخدرات وهم ( ثلاثة استشاريين في الطب النفسي أحدهم أكاديمي ، وثلاثة أخصائيين اجتماعيين ، مرشد تعافي ، أكاديميان الأول استاذ دكتور في الخدمة الاجتماعية والأخر استاذ مشارك في الخدمة الاجتماعية ولديه خبرة وظيفية وعلمية في مجال الادمان ، مدرب تنمية بشرية حاصل على درجة الدكتوراة ) وقد أبدوا إعجابهم بالمقترح وأنه موضوع مثير للاهتمام وجدير بالعناية وذو فائدة ويمتاز بقيمة عالية جداً وأنها تقنية حديثة موصين بتطبيقها ونشر الموضوع في مجلة علمية أو ارساله الى اللجنة الوطنية لمكافحة المخدرات كونها جهة معنية بوضع الدراسات في مجال الادمان ، وبعد فهذه دعوة للباحثين والمختصين لدراسة المقترح وإخضاعه للتجربة العملية والبحث العلمي .