أكدت وزارة الصحة أمس سلبية الفحوص الأولية لعينات المواطن السعودي الذي توفي في جدة بعد الاشتباه في إصابته بفيروس "إيبولا". وأوضحت الوزارة في بيان أمس أنها تلقت النتيجة المخبرية الأولية مباشرة من مختبرات "مركز مكافحة الأمراض والوقاية منها" بأتلانتا في الولاياتالمتحدة، وستقوم المختبرات الأمريكية ذاتها بإجراء مزيد من الفحوص الإضافية الدقيقة والمتقدمة للتأكد من خلو العينات من أي فيروسات أخرى قد تسبب الحمى النزفية. وأفاد بيان الوزارة أنها تنتظر أيضا وصول نتائج اختبار العينة الثانية للحالة نفسها التي تم إرسالها لأحد المختبرات الألمانية المعتمدة في غضون أيام، وسيتم الإعلان عنها فور وصولها وفق منهج الوزارة في التواصل المباشر والسريع مع المجتمع المحلي والدولي. وفي السياق ذاته، أوضحت الوزارة أنها ستتبع الإجراءات الوقائية نفسها في التعامل مع أي حالة تظهر عليها أعراض المرض الذي يمثل تهديدا صحيا للمجتمع، بما في ذلك المتابعة الصحية لمخالطيهم. كما تواصل فرق الاستجابة السريعة التابعة لمركز القيادة والتحكم بوزارة الصحة مراقبة تطورات الموقف الصحي بالمملكة على مدار الساعة لاتخاذ الإجراءات الوقائية والتدابير الاحترازية اللازمة للتعامل مع الاحتمالات كافة. وتتابع الوزارة مع المستشفيات والفرق الصحية في المطارات والموانئ للتأكد من استعدادهم والتزامهم بتطبيق معايير مكافحة العدوى في حال ورود حالات مشابهة. من جهتها، كشفت مصادر عن تخصيص وزارة الصحة مقر مجمع الملك عبد الله الطبي بجدة، لاستقبال حالات الاشتباه بفيروس "إيبولا"، وقد خصص المجمع ذاته، قبل عدة أشهر، لاستقبال الحالات المصابة بفيروس "كورونا"، ويأتي ذلك في الوقت الذي أعلنت فيه منظمة الصحة العالمية حالة استنفار بشأن انتشار فيروس "إيبولا". وقال مصدر مطلع ، إن المجمع الذي من المتوقع أن يتم افتتاح عدة أجزاء منه خلال الشهرين المقبلين، مهيأ ومجهز لاستقبال حالات الأمراض الوبائية مثل "كورونا" و"ايبولا" وغيرهما من الأمراض الخطيرة، وذلك حفاظا على صحة المرضى في المستشفيات الأخرى. وفي ذات السياق، اعتبر عدد من المختصين قرار المملكة بمنع إصدار تصاريح الحج والعمرة للمسلمين في الدول التي ينتشر بها المرض، قرارا حكيما وأتى في وقته المناسب. وأوضح الدكتور صالح العيفان، الأستاذ المشارك بجامعة الملك سعود والمختص في الفيروسات الجزيئية، أن التدابير والاحتياطات التي اتخذتها وزارة الصحة بمنع إصدار تصاريح الحج من تلك البلدان هو إجراء حاسم ودليل على حرص الحكومة السعودية على الوطن والمواطنين. وشدد العيفان على ضرورة اتخاذ مزيد من الإجراءات الوقائية لمنع وصول هذا الفيروس إلى المملكة وخصوصا خلال موسم الحج، بمراقبة حدود المملكة من الجهات التي يمكن أن يصل من خلالها حجاج أفارقة عن طريق التهريب، ومنع دخول أي مسافر قادم من تلك البلدان لا يحمل شهادة خلوه من المرض مصدقة من جهة عالمية تشرف عليها منظمة الصحة العالمية بشكل مباشر، ومنع استيراد الحيوانات من تلك البلدان في الوقت الراهن وفحص الحيوانات التي وصلت خلال الفترة الماضية، ومنع استيراد الفواكه من المناطق الموبوءة، إضافة إلى الاحتياطات التي نشرتها منظمة الصحة العالمية حول كيفية التعامل مع المرض والإجراءات اللازم اتخاذها من قبل الممارسين الصحيين. وبين العيفان أن الفيروسات تعد أخطر أنواع الكائنات الحية الدقيقة فتكا بالإنسان والحيوان نظرا لاختلافها التركيبي وامتلاكها خواصا تستخدمها في مراوغة الجهاز المناعي، لذا فإن الفيروسات تعد التهديد الحقيقي الذي يواجه العالم برمته ومثال ذلك فيروس "إيبولا"، الذي يعود لعائلة Filoviruses ومادته الوراثية هي RNA مفرد سالب القطبية. وتابع: "يعد فيروس "إيبولا" من أخطر الفيروسات عالميا وتم تصنيفه من ضمن المجموعه (أ) نظرا لشراسته وفتكه بالإنسان، حيث إن معدل الفتك تراوح بين 50-90 في المائة، ونظرا لعدم توفر علاج أو لقاح ضد هذا الفيروس إلى الوقت الراهن".. مشيرا إلى أن السؤال الذي يطرح نفسه في هذا المقام: من أين أتى هذا الفيروس؟ ولماذا عاود الظهور؟ وبين العيفان أن العوامل التي تؤدي إلى ظهور سلالة فيروسية جديدة أو معاودة ظهور سلالات ظهرت في السابق يتمثل في عاملين رئيسين: نشاطات الإنسان غير العادية مثل السفر وزيادة التنقل بين البلدان وقطع الغابات واستيراد الحيوانات والطيور، أما السبب الثاني، بحسب العيفان، فيعود إلى الطبيعة ويتعلق بالاختلافات المناخية والتغيرات التي تطرأ على الكرة الأرضية، مشيرا إلى أن كلا العاملين السابقين سببا ضغطا على السلالات الفيروسية وبالتالي تحفيزها على تغيير خصائصها وقدرتها على الإصابة، فضلاً عن أن بعض الفيروسات مهيأة طبيعيا للتغيير في تركيبها الجيني وبالتالي تظهر سلالات فيروسية جديدة. وأشار العيفان إلى أن أول ظهور لهذا الفيروس كان في عام 1976 في السودان وتعاقب ظهور هذ الفيروس في دول أفريقية مختلفة خلال فترات متقطعة إلى أن عاود الظهور مرة أخرى في شهر آذار (مارس) من هذا العام في غينيا ومن ثم انتشر إلى الدول الأفريقية المجاورة مثل نيجيريا وسيراليون ووصلت عدد حالات الوفاة بهذا الفيروس أكثر من 900 فرد، بحسب ما ذكرته منظمة الصحة العالمية. وتابع: ينتقل هذا الفيروس عن طريق التعامل مع الحيوانات المصابة عن طريق سوائل الجسم أو ملامسة الأعضاء وينتقل من شخص إلى شخص أيضا عن طريق سوائل الجسم مثل الدم أو الأجسام الملوثة بالفيروس مثل الإبر. وقد يبقى الفيروس مُعديا في الحيوانات المنوية للمصاب لمدة تصل إلى 50 يوما، وخفاش الفواكه هو الحاضن الأساسي لهذا الفيروس حيث يتغذى هذا الخفاش على الفواكه وعند سقوطها على الأرض تتناولها الحيوانات الأخرى مثل القرود ومن ثم ينتقل لها الفيروس وتصبح مصابة بالفيروس, وناقلة للفيروس إلى الإنسان. وأضاف العيفان: تتراوح فترة حضانة الفيروس من 2 – 21 يوما والأعراض مشابهة لأعراض الإنفلونزا يتبعها قيء وإسهال وفشل في وظائف الكلى والكبد وفي المراحل المتقدمة يصاب المريض بالنزيف داخليا وخارجيا على شكل طفح جلدي. وذكر العيفان أن استراتيجية مراوغة هذا الفيروس للجهاز المناعي تتمثل في تثبيط الخلايا المناعية المعروفة باسم الخلايا المعادلة (وظيفة هذه الخلايا معادلة أعداد الفيروس والقضاء عليه) إلا أن الفيروس يفرز بروتينا يثبط استجابة هذه الخلايا المناعية، بل يستخدمها لصالحه كناقل للفيروس لأنحاء الجسم. وكانت وزارة الصحة قد أصدرت مساء الأربعاء الماضي تنويها تنصح فيه المواطنين والمقيمين في المملكة بعدم السفر إلى ليبيريا، وسيراليون، وغينيا حتى إشعار آخر؛ بسبب انتشار الإصابة بفيروس "إيبولا" في تلك الدول، كما اتخذت المملكة في نيسان (إبريل) الماضي خطوة استباقية بالتوقف عن إصدار تأشيرات العمرة والحج للمسافرين من الدول الإفريقية الثلاث. وأكدت الوزارة أنها لا تتهاون فيما يمس السلامة الصحية في المملكة، وتتعاون وتنسق في ذلك مع مجموعة كبيرة من الخبراء من داخل الوزارة وخارجها وفي مقدمتهم منظمة الصحة العالمية ممثلة للمجتمع الدولي.