أكد عدد من المسؤولين والمختصين في مجال الثقافة والتراث وأعيان وعمد محافظة جدة أن إدراج "جدة التاريخية" ضمن قائمة التراث العالمي التابعة لليونسكو يعزز مكانة عروس البحر الأحمر الضاربة في أعماق التاريخ من خلال ما تملكه من مخزون تراثي وحضاري يمتد لحقب زمنية طويلة مثمنين جهود القيادة على بذل الجهود الجبارة من أجل الحفاظ على مكانة هذه المدينة وقيمتها المميزة بين منظومة مدن المملكة التي وصلت إلى مشارف التقدم العالمي بفضل احتضانها لهذا القلب بنفحات الأصالة العريقة . وأبرزوا الجهود الكبيرة المبذولة من مختلف القطاعات بتوجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -حفظه الله- التي كفلت حماية وتطوير المنطقة التاريخية وتتويجها بدخولها هذا التصنيف العالمي لتصبح موقعاً تراثياً وطنياً يحظى بقبول عالمي في منظومة المواقع الأثرية على مستوى دول العالم . من جانبه عد صاحب السمو الملكي الأمير مشعل بن ماجد بن عبدالعزيز محافظ جدة عضو اللجنة العليا لتطوير جدة التاريخية رئيس اللجنة التنفيذية رئيس المجلس المحلى للتنمية بمحافظة جدة إعلان انضمام "جدة التاريخية" لقائمة التراث العالمي التابعة لليونسكو مسؤولية تضع الجميع أمام أدوار كبيرة لبذل المساعي ومواصلة الجهود للرقي بشان هذه المنطقة التي تحتضن بين جنباتها أنواع الحضارة وأشكال الثقافة وغزارة التراث بعد أن حصدت هذا الإنجاز الذي يضاف إلى تاريخنا العريق بعد سنوات من العمل والتعاون بين مختلف القطاعات الحكومية . وقال سموه : مع معايشة فرحة حجز "جدة التاريخية" لمقعدها ضمن التراث العالمي يضع ذلك على عاتقنا جميعاً مسؤوليات مضاعفة ليس فقط للمحافظة عليه وإنما لتعزيزه بالعديد من القيم المضافة التي تجعل من هذا الموقع التاريخي الفريد عنصراً اكثر جذباً للسائحين والمهتمين بكنوز التراث والثقافة من مملكتنا الحبيبة ومن كافة انحاء العالم مما سيكون لزاماً علينا العمل المتواصل والسريع خلال الفترة المقبلة لنكون على مستوى هذا التتويج . وأشاد سموه بالتوجيهات السديدة من خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز وسمو ولي عهده الأمين وسمو ولي ولي العهد -حفظهم الله- والتي تكرس المساعي في النهوض بهذا الجزء التاريخي من مملكتنا الحبيبة أحد ركائز عروس البحر الأحمر, مشيراً إلى أن كافة المثقفين وأصحاب الفكر والمهتمين بالتاريخ والتراث تحدوهم الفرحة والفخر والإعتزاز بموافقة لجنة التراث العالمي في اليونسكو على تسجيل جدة التاريخية ضمن قائمة التراث العالمي . وعد سموه التتويج العالمي ثمرة عمل طويل وجاد تبنته الهيئة العامة للسياحة والآثار بالتعاون مع مختلف الجهات الحكومية داعياً إلى تكثيف العمل لحماية الموقع والمحافظة عليه وتهيئته وتأهيله وبذل المزيد من الجهد وتحقيق المشاريع والإنجازات على أرض الواقع بالمنطقة التاريخية بجدة . وشدد على أن هذه المسؤوليات الجديدة تتطلب التكامل والتنسيق بين الجهود الحكومية وبين جهود الملاك والأهالي وكل محبي التراث والثقافة والمتابعين لسير الآباء والأجداد والساعين دوما لتعظيم رصيد القيم المتوارثة ونقلها للأجيال الجديدة على أفضل ما يكون مع إدراك في كل وقت أن الأفكار المبتكرة والمبادرات الفردية والجماعية والتعاون الإيجابي وبخاصة من قبل الأهالي والملاك من شأنه أن يساهم في المحافظة على هذه الكنوز مع تقديم الخدمات التي تتوافق مع متطلبات العصر الحديث دون المساس من قريب او بعيد بسمات هذه الصورة الرائعة من التراث العالمي . وقال سموه : إن تاريخ جدة القديم يقودنا إلى سنين من الحضارة والبناء اكتسبت خلالها مدينة جدة بعدها التاريخي الإسلامي الذي جعلها واحدة من أهم المدن الواقعة على سواحل البحر الأحمر وبوابة للحرمين الشريفين ونظراً لقيمتها التاريخية والعمرانية يضعها المتخصصون في مقدمة المدن التي يتمثل فيها بوضوح الطراز العمراني المتميز لهذه المدينة الغالية من المملكة . وأضاف أن العمق التاريخي لمدينة جدة يتركز في "جدة التاريخية" التي تضم عدداً من المعالم والمباني الأثرية والتراثية المهمة كالمساجد التاريخية ذات الطراز المعماري الفريد كما يتجلى تراثها العمراني في حاراتها التاريخية التي تختزن في مسمياتها الكثير من الأحداث بالإضافة إلى أسواقها المميزة وأسواقها القديمة منوهاً سموه بما أولاه صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار من عناية بالمنطقة التاريخية ضمن اهتمامه بالتراث العمراني الوطني بالمملكة . من جهته أكد معالي أمين محافظة جدة الدكتور هاني بن محمد أبو راس أن تسجيل منطقة جدة التاريخية في قائمة التراث العالمي يدلل على أهمية هذه المنطقة الأثرية والتاريخية ومكانتها الدولية ,مشيرا إلى ما أولاه أمراء مناطق مكةالمكرمة من إهتمام وعنايةً خاصة بهذه المنطقة إدراكاً لأهميتها ومكانتها العالمية حيث جرى العمل على زيادة الوعي بأهمية هذه المنطقة من خلال مشروع تطوير جدة التاريخية . وقال : إن هناك مبادرات لدعم الملاك للتطوير والترميم لهذه المنطقة والعمل سيكون تكاملياً من الجميع ويحتاج لتكاتف الملاك مع القطاعات المعنية بالتطوير وتوجد سبعة مشاريع تحت التنفيذ بتكلفة تقديرية تقارب 100,000,000 ريال تشمل حصر ودراسة المباني التاريخية وتأهيل مباني ومتاحف جدة التاريخية "مرحلة أولى" وتحسين وتأهيل شارع قابل وتحسين وتطوير وإنشاء الأرصفة والممرات بالمنطقة التاريخية وتنفيذ وتطوير المواقف العامة وصيانة وتنفيذ أعمال الإنارة وتنفيذ مصدات حركة السير وتنظيم حركة المشاة . وأضاف أن المنطقة التاريخية بجدة تشهد ايضاً أربعة مشاريع تخضع لاستكمال إجراءات ترسيتها وبتكلفة تقديرية تقارب 400,000,000 ريال تتفاوت بين ترميم مباني تاريخية "مرحلة أولى" وتأهيل وتطوير مسار الحج قديماً وتأهيل وتطوير مسار باب شريف وتركيب كاميرات المراقبة والعد والإحصاء, لافتاً إلى أن الأمانة تعمل على جدولة 14 مشروعاً خلال الأعوام الأربعة القادمة تتنوع بين ترميم مبان تاريخية "مرحلة ثانية" واستكمال شبكة إطفاء الحريق "مرحلة ثانية" والتسمية والترقيم لجدة التاريخية وتطوير وتأهيل المتاحف "مرحلة ثانية" وتطوير مسار سوق البدو وتطوير مسار الندى والخاسكية وتطوير مسار باب جديد وتطوير مسار أبو عنبة وتطوير مسار شارع الذهب وتطوير مسار شارع الملك عبد العزيز الدائري وتطوير مسار مدرسة الفلاح وتأهيل وتطوير بارحة باب جديد وتطوير وتأهيل ميدان البيعة وبحيرة الأربعين إضافة إلى مقترح مشروع نزع ملكيات تكلفته التقديرية تقارب 800 مليون ريال . من جانبه عبر مدير مرور محافظة جدة اللواء وصل الله بن وصل الحربي عن فخره واعتزازه بإنضمام جدة التاريخية لقائمة التراث العالمي ,منوهاً بأن هذا التتويج العالمي دلالة على غزارة التراث السعودي وتاريخه العريق بفضل الجهود المبذولة من مختلف القطاعات والتي توجت بإعتماد لجنة التراث العالمي التابعة لمنظمة اليونسكو . وأشار إلى العمل المتواصل من مرور محافظة جدة في تسهيل الحركة المرورية لزوار المنطقة التاريخية وخاصة بعد الإعتماد العالمي لها وهم في تزايد مستمر من داخل المملكة وخارجها وخاصة في ظل ما يشهده موسم الصيف من حركة مستمرة أثناء الدخول والخروج للمنطقة التاريخية . وأكد على وقوفه الميداني وإشرافه المباشر على ضباط وأفراد المرور بجدة وتوجيههم بتقديم ما يحتاجونه زوار المنطقة التاريخية من حيث توجيههم لمواقف السيارات المخصصة لهم وتنظيم الحركة المرورية بكل انسيابية منعاً للإزدحام . وشدد اللواء الحربي على ضرورة تعاون مرتادي المنطقة التاريخية مع رجال المرور الذين يهدفون لخدمتهم والتسهيل عليهم بالشكل الذي يضمن لهم زيارة موافقة للمنطقة التاريخية والإستفادة من مكوناتها التاريخية والتراثية. من جهته قال مدير إدارة مشاريع التراث العمراني بالمنطقة التاريخية بجدة المهندس سامي بن صالح نوار : لقد تطلب تسجيل جدة التاريخية على لائحة التراث العمراني العالمي عملاً كبيراً وتكاملاً نموذجياً بين أمانة محافظة جدة كذراع تنفيذي للمدينة بشكل عام والمنطقة التاريخية بشكل خاص . وأضاف : كان ملف جدة التاريخية المسلم لمنظمة اليونيسكو ملفاً نوعياً في مضامينه وحيث أظهر بما لا يدع مجالاً للشك درجة العمل الإحترافي المبذول مما دفع الدول الأعضاء للموافقة عليه بالإجماع دون تصويت فكان هذا الإنجاز العظيم والحمد لله الذي ينبغي معه أن ندرك أن تسجيل جدة التاريخية يمثل إقراراً عالميا بأهمية المواقع الأثرية والتاريخية في المملكة ومكانتها العالمية ويحملنا جميعاً مسؤولية مشتركة لرعاية منطقتنا التاريخية والحفاظ عليها من خلال تنمية مواقعها المختلفة وتلمس جماليتها وجعلها متاحة للزائرين من داخل المملكة وخارجها . وأشار المهندس نوار إلى أن هذا الإنجاز العالمي الذي حققته المملكة في مجال العناية بالتراث والحفاظ عليه ينعكس على الوطن والمواطن ويرفع صيت المملكة دولياً وشاهد عيان على مرحلة جديدة من العطاء المعرفي المرتكز على الإرث التاريخي, لافتاً إلى أن "جدة التاريخية" تضم عدداً من المعالم والمباني الأثرية والتراثية مثل آثار سور جدة وحاراتها التاريخية كحارة المظلوم وحارة الشام وحارة اليمن وحارة البحر ، كما يوجد بها عدد من المساجد التاريخية من أبرزها مسجد عثمان بن عفان ,ومسجد الشافعي, ومسجد الباشا ,ومسجد عكاش, ومسجد المعمار, وجامع الحنفي, إضافة إلى الأسواق التاريخية القديمة . وتحدث عمدة حارة الشام والمظلوم ملاك باعيسى حول هذا التتويج العالمي قائلاً : أبهج هذا الإنجاز المتمثل في إعلان إنضمام جدة التاريخية لقائمة التراث العالمي خواطرنا وأشعرنا بالفخر والإعتزاز بمكانة المملكة بشكل عام وجدة على وجه الخصوص لمكانتها التاريخية المفعمة بعبق التراث العريق والذي ما كان ليتحقق لولا الشراكة المميزة والفاعلة بين عدد من الجهات الحكومية التي تتقدمها الهيئة العامة للسياحة والآثار وأمانة محافظة جدة ومحافظة جدة وغيرها من الجهات المشتركة في تحقيق هذا التقدم الذي يضاف للتراث الوطني بالمملكة . وقال عمدة حارتي البحر واليمن عبدالصمد محمد عبدالصمد : أن مدينة جدة تعيش فرحة مميزة في تاريخها بدخولها سجل التراث العالمي التي تعتبر نافذة عروس البحر الأحمر وبوابة الحرمين الشريفين وذكريات الماضي تبدو جلية بها عندما نرجع خطوات للوراء لنرقب بيوت جدة القديمة التي بنيت من الحجر المنقى والذي كان يستخرج من بحيرة الأربعين ثم يعدل بالآلات اليدوية ليوضع في مواضع تناسب حجمه إلى جانب الأخشاب التي كانت ترد إليهم من المناطق المجاورة كوادي فاطمة أو ما كانوا يستوردونه من الخارج عن طريق الميناء خاصة من الهند كما يستخدم الطين الذي كان يجلب من بحر الطين لاستخدامه في تثبيت "المنقبة" . كما نوه العمدة هشام عمر ابو العينين عمد حي البغدادية الغربية بحصد المنطقة التاريخية بجدة لهذا الإنجاز وذلك لما تتمتع به المدينة من مقومات تاريخية أهلتها لخوض هذه المنافسة ,مشيراً إلى أن كل بيت وحارة وشارع وسوق بها له قصة مع الزمن فالأحجار المرصوصة بطريقة منظمة دلاله واضحة على بناء المنازل في ذلك الوقت إلى جانب الأسواق التي كانت متقاربة في دكاكينها جنباً إلى جنب والحارات التي كانت تقام على ضفافها الأمسيات ومجالس العمد كلغة لتواصل وتزاور أهل الحي في ذلك الوقت . كما أشار العمدة منصور عقيل عمدة حي الصحيفة والعمارية إلى ما تتميزبه هذه البيوت الضاربة في أعماق تاريخ جدة وحضارتها من تزيينها بالرواشين الخشبية بأحجام مختلفة تعطي للمنطقة لمحة جمالية تقود إلى تلك الحقبة من الزمن حيث كانت النوافذ والشرفات هي عنصر هام لجلب الهواء وتكييف البيوت من الداخل في وقت تغييب عنه أجهزة التكييف الحديثة .