لم يرتبط إسم كولومبيا بالكثير من الإيجابيات في تاريخ مشاركاتها في كأس العالم لكنها تنوي التعويض ولو جزئيا في كأس العالم البرازيل 2014 FIFA من خلال تأهلها الصاخب إلى الدور الثاني من دون أي عدسة ناقصة. عرف حارسها الغريب الأطوار رينيه هيجويتا بصدة العقرب الخلفية، وفي كأس العالم إيطاليا 1990 FIFA ارتكب خطأ مميتا سمح للكاميروني روجيه ميلا بقيادة فريقه إلى ربع النهائي. في كأس العالم أمريكا 1994 FIFA، سجل مدافعها أندريس إسكوبار هدفا عكسيا في مرماه في مباراة الولاياتالمتحدة في الدور الأول، فدفع حياته ثمنا لذلك من قبل عصابات المخدرات. بعض من الأمثلة تدل على صيت غير كروي، نجحت البلاد المشوهة سمعتها بالإتجار بالمخدرات بتقويمه في البرازيل. كان طبيعيا أن تتلقى كولومبيا صدمة نفسية هائلة بعد غياب هدافها راداميل فالكاو جارسيا عن كأس العالم البرازيل 2014 FIFA لكن ما ليس طبيعيا أن تصبح كولومبيا إحدى قصص النهائيات الجميلة من دون لاعب الستين مليون يورو. حققت كولومبيا عودة طال انتظارها إلى كأس العالم بعد غياب دام 16 سنة لكن استعداداتها واجهت صفعة مدوية بإصابة قاسية لأحد أبرز اللاعبين في تاريخها. لطالما حلم الكولومبيون بلاعب من طراز فالكاو، هداف فتاك يرعب أعتى خطوط الدفاع في العالم، تتنازع عليه أبرز الأندية الأوروبية ويصل سعره إلى 60 مليون يورو، لكن ما لم يتوقعه "لوس كافيتيروس" (مزارعو القهوة) أن يتعرض لاعبهم المفضل إلى إصابة قوية في الركبة قبل عدة أشهر وضع مشاركته في النهائيات بمثابة الأحلام. غاب الأصيل وحل الوكيل، وبدلا من مهاجم موناكو الفرنسي المرشح للانتقال إلى ريال مدريد الأسباني، جاء جيمس رودريجيز الذي كلف موناكو أيضا 45 مليون يورو، فأمتع صاحب القدم اليسرى الساحرة الجماهير بلمحات فنية رائعة وثلاثية وضعته على وصافة ترتيب الهدافين بفارق هدف عن البرازيلي نيمار. ما ساعده على ذلك الوجوه الهجومية البديلة لفالكاو على غرار باكا، إيباربو، جوتييريز أو مارتينيز، فسجل الفريق الأصفر 9 أهداف في ثلاث مباريات. كما يؤمن الدعم الخلفي الثنائي الخبير يبيس-زاباتا، وأمامهما الجناح الخطير كوادرادو، وبإمكان الأرجنتيني خوسيه بيكيرمان الاعتماد على بدلاء من الطراز الجيد أمثال كوينتيرو، جوارين ومارتينيز. برغم صورة مركبة نشرتها عارضة الأزياء الهولندية وسفيرة الأممالمتحدة السابقة نيكوليت فان دام أظهرت فالكاو وجيمس يشمان الرذاذ المتلاشي لحكم المباراة تلميحا إلى تعاطي مواد ممنوعة، ضرب أبناء بيكيرمان وسحقوا اليونان افتتاحا 3-0، أكملوا على كوت ديفوار 2-1 ثم أجهزوا على اليابان 4-1 ليجتازوا الدور الأول بالعلامة الكاملة. أداء تحقق من خلال لعب استعراضي وطموح بالإضافة إلى أفضلية دائمة بالاستحواذ على الكرة. كان أداء كولومبيا المقنع في قلعتها بارانكيا، أساسيا في حملتها الناجحة، فدفاعها كان الأقوى في تصفيات أمريكا الجنوبية وهجومها الثالث بعد الأرجنتين وتشيلي. حلت ثانية في المجموعة الموحدة، ولأول مرة منذ اعتماد نظام التصفيات الجديد. صنفت بين أول ثمانية منتخبات في العالم فكانت من بين رؤوس المجموعات في قرعة انتقدها كثيرون. صحيح أن مجموعة كولومبيا من بين الأضعف في النهائيات، فليس فيها مصنف بين المنتخبات العظمى، لكن أولى مواجهاتها في دور الثاني مع الأوروجواي، أبعد جارة لها في أميركا الجنوبية، وفيها ستكون أول الامتحانات الجدية لمعرفة ماذا كان مزارعو القهوة قد وضعوا نهائيا وراءهم مأساة غياب فالكاو وفتحوا صفحة مشرقة من الكرة الكولومبية.