أيها الجيل الذي قد درس وتعلم ثم أزداد نورا وخلقا وأدبا , أيها الجيل الذي قد نشأ وتشبع على فطرته الجميلة ليكون مضربا في المثل , وصورة مشرفة ومشرقة بل وقدوة حسنة لجيل قادم سيكون وبإذن الله تعالى هو الأحلى والأجمل , جيل مازال يبحث عن الخير ويعمل به ليسعى جاهدا من أجل الوفاء به وفي تحقيقه , وبحبه له ولكل أعمال البر والإحسان والصدقة , جيل لم ولن يرضى لأن تكون يده ملطخة بالكبائر وبعقوق الوالدين , لأنه وبإذن الله تعالى مازال مؤمنا بالله وحده لا شريك له , ومهتديا بهدي سيدنا ورسولنا محمد صلى الله عليه وسلم , وعلى قدر رفيع من الوعي والتفكير , وبمعرفته الواضحة لأصول وأمور دينه وديناه , ومتعلما ومحيا لما قد حمله معه من أصالة وتراث وإبداع كانت ولا زالت أساسا له وتركة قد ورثها من آبائه وأجداده , جيل سنحسن به الظن إن شاء الله لأن يكون مكملا لكل هذه الخصائص والصفات الجميلة والتي قد تحلى بها ورسمها على جبينه ثم التصقت ورسخت في عقله ليعمل بها ويطبقها على نفسه أولا ثم بمن حوله ك ثانيا , ولهذا .. فأكملوا معروفكم وخصائصكم وصفاتكم التي قد حملتموها وكانت مضربا ومثالا يحتذى به , وارموا خلفكم ما قد أسميتموه اليوم بموضة عمياء وبتقليدها الأعمى وتبعا لتنوع واختلاف الفكر والتفكير , وبشقوق يملأه الكره والهجر , وبحب النفس والحياة والرفاهية بدونهم , أو من أجل تواكبكم وتطوركم مع عصر العولمة الفارغة وعصر التقنية و التكنولوجيا والتربية الحديثة , و ما فائدتها إن لم تكن مكتملة ومعطرة بإحسانكم وببركم لآبائكم وأمهاتكم , ولتبدؤوا أنتم اليوم بإكمال الناقص فيكم , فغيروا من عيوبكم وصححوا من أخطائكم , وجملوا حياتكم وخافوا الله فيهم , وأنسوا واصفحوا وسامحوا ثم اطلبوا الصفح والسماح والعفو منهم , حتى وإن كانوا على خطأ أو كانوا لكم في يوم من الأيام سببا لمشكلة أو لتعاسة لم تكن مقصودة , بحكم الحب والخوف أو الوصاية عليكم , ولأن إسلامنا الحنيف قد دعانا إلى البر بالوالدين وبالإحسان إليهما , فالبر بالوالدين معناه طاعتهما وإظهار الحب والاحترام لهما ، ومساعدتها بكل وسيلة ممكنة بالجهد والمال ، والحديث معهما بكل أدب وتقدير ، والإنصات إليهما عندما يتحدثان ، وعدم التضجر وإظهار الضيق منهما فقال تعالى : " وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا (23) وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا (24) " (الإسراء 23 ، 24) , كما بلغت وصية الله سبحانه وتعالى بالوالدين بأن أمر الأبناء بالتعامل معهما بالإحسان والمعروف حتى ولو كانا مشركين ، فقال تعالى : " وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (15)" (لقمان : 15) , وفي الختام .. فأعلموا أيها الجيل , بل وتأكدوا أيضا بأنكم ومهما قد عليتم أو وصلتم أو حظيتم بأعلى القيم والصفات والأخلاق الرفيعة , أو تبوأتم لأعلى القمم والمراكز , أو كسبتم الرفعة والهيبة والمكانة المرموقة , أو رزقتم بالمال والجاه والولد , أو عشتم لحياة هانئة وسعيدة … إلخ , فلم ولن تكون جميعها ذات قيمة أو فائدة أو ذات نفع حقيقي ورضا إلهي عليكم إلا برضا الله أولا ثم برضى الوالدين , وإلا فستكون كلها وبالنسبة لكم منقوصة حالها ومعدومة بركتها , وبحياة مليئة بالكآبة والحزن وبالمرض والسقم وكذلك بالخوف والجوع والفقر بعد راحة بال وغنى وبسطة في الرزق , "عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "رضى الله في رضى الوالدين , وسخط الله في سخط الوالدين" أخرجه الترمذي , وصححه ابن حبان والحاكم , وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم . سامي أبودش كاتب مقالات . https://www.facebook.com/sami.a.abodash