بسم الله الرحمن الرحيم عام جديد ,,, بسعادة وتجديد العام الجديد يطل علينا بلا استئذان , لأنها كذا الدنيا تسير ولا تقف لأحد , إلا من يلاحق ما تمنحه من فرص لإسعادنا ولتحقيق ما نتمناه. العاقل من يتوقف في محطات من حياته , يتأمل فيها نفسه, وواقعة ,ومستقبله , وعلاقاته مع الإنسان الذي يعيش معه. الأيام تزحف للنهاية , والأعوام تتصرّم بلا هوادة , والناس غافلون لقيمة الأوقات والأعمار. نتأمل في هذا العام الجديد أن نبدأ بتسامح وعفو لكل من أخطأ علينا أو أخطأنا عليه. العام الجديد نعزم فيه النيّة بالعمل , والاجتهاد , والمثابرة , وتجميع أركان الاستقرار والسعادة في حياتنا. تأمّل معي كم البلاد حولنا تضطرب بسبب فقر أو ظلم أو افتقاد لاستقرار الحياة وانتظامها.. الاستقرار نعمة , والأمن قيمة غالية , والسعادة منحة من الله. السعادة أثمن مطرود , وأخفى موجود , يبحث عنه الناس بالمال و الترحال , شعور لا يلمس , دافعه الألم , والجاذب له المتعة والراحة واللذة. السعادة لن تجدها في أيام , أو في جنان الأرض خضرة وماء وجمالا , و ليست أشياء تشترى من السوق , هي بكل بساطة ووداعة , حديث اليوم , لا هموم المستقبل , وراحة اللحظة لا قلق الغد , هي الاستمتاع بما في أيدينا , لا بما في أيدي الآخرين , وما يأتيننا من الدنيا , لا ما ننتزعه منها , وما تهيئ لنا لا ما حُرمنا منه. ثمة سعادة في ترك الكثير من فضول الكلام , والجلسات , والمخالطة , وفي التنظف من مرارة القلب "الحقد" , ومن ناره "الحسد" , ومن عذابه "البغضاء" , ومن التعلق بالمثاليات التي في عالم لن نصل إليه. السعادة تهيئة للقلب بالتفكير والتأمل والتفكر, ومنح النفس فرصة الضحك , والابتسامة , وألا نقابل الجفاء بمثله , ولا الزعيق بأرفع منه . ببساطة اعرض عن الجاهلين , وقل سلاما لأهل الجهالة والضلالة , وان تُخِرج نفسك من وباء العفن وسوء الأخلاق. السعادة تكون مع الإخلاص في محراب مسجد , أو ركون إلى الله تعالى في هجعة ليل , أو دعوة مسكين أحسنت إليه , و في بذل النفع للآخرين تقوم به , ومخالطة للناس لتصبر على سفاهة , وتتحمل بذاءة , وتقبل رأياً , وتطيّب خاطراً , وتعلّم جاهلاً , وتذكر غافلاً. كم من مسجون الجسم حرّ القلب , وكم من تعيس الحظّ موفور الراحة , وكم من فقير يتعزى حاله الناس والجنة تدخل مع أنفاسه. الخير والشر والجمال والقبح موجودان في هذه الكون , ولك اختيار بأيها تتعايش معه. عندما تتخلّق بالأحسن , وتلبس الأجمل , وتتكلم بالألطف , وتتحرك بالأليّن , وتحاور باللباقة , وتجالس الأصفى , وتسافر مع البرّ الصادق , وتبادل الخير صاحبه , فكيف سترى البؤس والألم والضيق والحزن! حياتنا انعكاس لدواخلنا , وأفكارنا انعكاس لمكتسباتها , وأخلاق الناس علينا مرآة لأخلاقنا معهم , فاسقي بذوراً لتجني ثمارها. لنفوسنا حاجات متى ما حرمناها منه حرمنا السعادة عن أنفسنا , هي حق للنفس والإسلام وضع لها الطرق لإشباعها , فالحاجة للأكل وللشرب , والانتماء للدين , وللأسرة , والجماعة , والمال , والمنصب , والجاه , والرفقة وغيرها , حاجات نبحث عنها لنأخذ منها ما يكفينا بتوازن . الرجلٌ الذي يوازن بين حاجاته بعقل وعدل فهو يستحق السعادة. قد تتخلّق بأخلاق جافة لكنك ستتأذى بردودها على نفسك. بداية هذا العام الهجري الجديد: نبدأه بالتسامح , والعفو , والتغافل عن الأخطاء , والبعد عن التصيد للزلاّت , ونقذف بالتشاؤم في قعر البحار , ولنجعل مجتمعنا يبدأ بخير وتسير به الأيام إلى خير ونحقق فيه الخير. خالد بن محمد الشبانة .