تجسد هواية "الصقارة" الموروث السعودي وثقافة الجزيرة العربية، ورمز شموخ وفخر واعتزاز بالهوية والقيم الأصيلة، وتقاليد تتناقلها الأجيال عن الآباء والأجداد. وبحسب وزارة الثقافة تعد "الصقارة" هواية، ومن عناصر الثقافة السعودية، وتحمل دلالات ورمزيات اجتماعية وثقافية، وتحكي حكاية صداقة بين الصقر والصقار، كما أنها إرث عالمي حيث تم تسجيل "الصقارة" في قائمة اليونسكو للتراث الثقافي غير المادي في عام 2016م. مع نهاية صيد الصقور، يبدأ "صقارة الجوف" للاستعداد لفترة "المقيض" التي تتيح فترة استراحة طويلة للصقور لحين بدء موسم الصيد الجديد مع بواكير الشتاء المقبل. وعُرفت "الصقارة" بهواية ورياضة جمعت نحو 500 من الصقارين في منطقة الجوف، يشرفون على تربية أكثر من 1000 صقر بمختلف أنواعهم، حيث تعد صحاري الجوف وشمال المملكة من المناطق المفضلة لهجرة الطيور من آسيا وشرق أوروبا نحو أفريقيا والشرق الأوسط في موسم الشتاء، وتجذب هواة القنص والصيد بالصقور. ويقول الصقار خالد عبدالرحمن الربيع: إن فترة "المقيض" تمتد نحو 7 أشهر من مارس إلى أكتوبر، ويستبدل الصقر خلالها الريش القديم عبر عملية تسمى "القرنسة"، ويحتاج خلال هذه الفترة للعناية والتغذية والعيش في مكان مناسب، ليبدأ الاستعداد لموسم الصيد مع مطلع شهر أكتوبر من كل عام، وهي مرحلة تسمى "نقلة الطير". ويكمل الربيع حديثه: وتكمن أهمية فترة نقلة الطير، في تجهيز الصقر لموسم الصيد واستعادة لياقته كونه يمضي في المقيض بضعة أشهر من الخمول دون تدريب أو خروج للصيد، وينطلق موسم الصيد في بداية نوفمبر ويستمر حتى نهاية يناير فيما تتخلل الفترة ما بين فبراير ومارس بعض الأنشطة والمسابقات الداخلية والدولية إلا أن بعض "الصقارة" يواصل النشاط مع طيوره لعدة أشهر حرصًا على الاستمتاع بممارسة هوايته لأطول فترة". ويلتقي عشاق الصقور بشكل يومي في مكان يسمى "مدعى الطيور"، ويحتاج ذلك إلى حمام و "ملواح" من أجل الحفاظ على لياقة الصقر والرفع من كفاءة أدائه، واشتهر منها موقع (مدعى الصقور) شرق سكاكا، حيث يلتقون لممارسة هوايتهم ونقل هذا التراث للناشئة والشباب، كما يتطلعون لإقامة مهرجانات خاصة بالطيور في المنطقة. ويُشيد الصقّار فواز نايف العويضة، بالصِقارة وأنها رمز للشجاعة والقوة عند العرب مبينًا أن هذه الهواية نشأت منذ زمن قديم، وعرفت في الجزيرة العربية وبلاد الرافدين وآسيا وأوروبا، وهي مسابقة رياضية، لها أنظمتها في بعض الدول. ويقوم الصقارون بصيد الصقر نفسه أحيانًا، ومن ثم يتم ترويضه حتى يشعر بالألفة ويأنس إلى الصقار، تليها مرحلة تدريب الصقر على الصيد، وبعد اكتمال ترويضه وتدريبه، يُترك له المجال للتحليق بحرية. ويقول الصقار عبدالمصلح فايز النادي: "تصطاد الصقور طرائد متنوعة تشمل الحيوانات الصغيرة مثل: الأرانب، وكذلك الطيور كالحبارى وغيرها، وهناك عشرات الأنواع من الصقور عالميًا". ويتميز الصقر بحدة البصر والقدرة على تحديد الطرائد من ارتفاعات عالية كما يحلق لمسافات قبل أن ينقض على الطريدة بسرعة خاطفة قد تصل إلى 200 كلم في الساعة، وأوضح النادي أن الصقارين في منطقة الجوف يمتلكون عدة أنواع من الصقور، من أبرزها (الحر، والشاهين، والجير)، ويضم كل نوع فصائل فرعية قد تختلف مسمياتها باختلاف المناطق، مشيرًا إلى أن الصقر يحتاج لعناية إذ يصاب ببعض الأمراض من الديدان والطفيليات والتهاب العين وغيرها. وفق "أخبار 24". ويتجسد اهتمام المملكة والمواطنين بهذا الموروث في عددٍ من الفعاليات منها كأس العُلا للصقور، الذي أقيم مؤخرًا كحدث سعودي عالمي، تنافس فيه أكثر من ألفي متسابق في مسارات "كأس العُلا للصقور" للظفر بالجائزة الأغلى البالغة 60 مليون ريال. ومن أبرز فعاليات الصقور التي تقام في المملكة كذلك معرض الصقور والصيد السعودي الدولي، والمزاد الدولي لمزارع إنتاج الصقور، ومزاد نادي الصقور السعودي، ومهرجان الملك عبدالعزيز للصقور.