منذ عام 1344 هجرية وحتى صدور هذه اللائحة في عام 1440ه ستة وتسعون عاما مضت على بداية التعليم النظامي الذي بدأ بإنشاء المديرية العامة للمعارف في تلك السنة ثم بعد تسعة وعشرين عاما أنشئت وزارة التعليم ليتولى سدتها الملك فهد كتعبير عن مكانة المعلم والتعليم وأهميتهما وماهي إلا سنوات قلائل وتعتمد اللائحة التعليمية الأولى وكانت البداية حينها جيدة ومرضية فالتعليم في بداياته والكل منبهر بالتطور وللمعلم مكانته المرموقة والكل يجله ويقدره ويحترمه ومضت أربعون سنة على اللائحة تغيرت فيها أنظمة التعليم وتغيرت كثير من المفاهيم وتغيرت مكانة المعلم ومكانة التعليم وأصبحنا في ذيل القائمة بعد أن كنا في مقدمة الرأس، وضِع التعليم في المختبرات ليكون فأر تجارب لكل شاردة وواردة انتدب الخبراء ليستفيدوا من تجارب الآخرين لكننا في كل مرة نحيي رفات ما تركه السابقون وبعد فترة من التجارب العقيمة ندرك أننا أضعنا الطريق فنعود من حيث بدأنا وندور في حلقة مفرغة بقصد أو بدون قصد! لن أتحدث عن اللائحة وتفصيلاتها فذلك أمر لن يستوعبه المقال ولكني سأعرج على بعض الأمور المصاحبة لها فاللائحة التعليمية كما ذكر في اللقاء هي لتمهين التعليم وليت هذا التمهين يطبق على جميع الوزارات فمن الملاحظ أن كثيرا من الوزارات يترقى موظفوها بدون المساس بالعلاوة وبدون اختبارات مهنية وبدون ملفات إنجاز لست ضد هذه الأمور بل هي جيدة لتجويد التعليم من جهة واحدة فقط وهو ما يجعل التطوير ناقصا لأن هناك أركان أخرى لابد من مراجعتها وتطويرها فالمناهج التعليمية بعد التطوير ركزت على التقنية ولكنها أبقت على الحشو الذي يزيد من العبء ولكنه لا يفيد بينما بعض المواد أضاعت البوصلة كاللغة العربية التي أصبحت موادها مكررة وخرجت عن مسارها بينما المواد العلمية بشهادة معلميها لم تراع التدرج في المعلومة أما المواد الإسلامية فحشيت في كتاب واحد وأصبحت تحصيل حاصل واللغة الانجليزية كل عام ولها سلسلة، وإن انتقلنا إلى البيئة التعليمية سنجدها مثقلة بالمشاكل فالفصول تغص بالطلاب حد التقيؤ حتى أن بعض المعلمين والمعلمات لا يكاد يصل إلى آخر طالب أو طالبة بالصف كما أن عدد الحصص المسندة مازال كما هو وإن ذر الرماد في العيون بتخفيضها حصتين أو أربع حسب الرتب إلا أن هذا التخفيض لا يسهم في تطوير المعلم ولا المعلمة ولا في متابعتهما لكل مستجدات الحياة ولا في تنشئة الأجيال التي يطمحون لرؤيتها ، وإن تحدثت عن الفصول والمدارس وضعف البنية وما يدفعه المعلم والمعلمة من راتبهما لتسير قافلة التعليم ولتحفيز الطلاب والطالبات فلن يكفي المقال، وأما الأنشطة اللا صفية والبرامج المؤقتة والأعمال التي أسندت إلى المعلمين والمعلمات فلم يحصل فيها تغيير بل تزيد عاما بعد عام .. يجب أن يعرف كل مواطن وكل صانع قرار وكل صاحب مهنة أن المعلم فقط ، هو رأس حربة التنمية والتطوير ولذا يجب ان يصمت كل أولئك الذين يطالبون بالعدل مهنياَ ووظيفياَ بينة وبين بقية موظفي الدولة ، المعلم يجب أن يوضع على مسطرة خاصة بة ولا يقارن بغيرة (له أو عليه) وهنا نعود لسؤال الذي يدور في بعض اذهان من شاهد مؤتمر تفسير اللائحة فهل ستكون الرتب.. فوق الثياب.؟ إن المستعرض للائحة ولآراء الميدان من معلمين ومعلمات بعد إعلانها وبعد المؤتمر الذي لم يجب على كثير من الأسئلة ليدرك أن اللائحة يعتريها ما يعتريها من خلل ونقص وظلم لبعض الفئات ، بل إن هذا الفكر البيروقراطي الذي تنتهجه الوزارة في حق التعليم والجيل القادم من خلال تجريد المعلم والذي هو محور العملية التعلمية من حقوقه واثقال كاهله مثار جدل منذ سنوات مضت فالمتابع لواقع الوزارة لدينا وقراراتها مع منسوبيها ومقارنتها مع وزارة التعليم يتضح مما لا يجعل مجال لشك ان الوزارة تقف ضد المعلم ولن نستطيع تحقيق تطلعات الرؤية لتحقيق مجتمع حيوي ، واقتصاد مزهر ووطن طموح بهذا الفكر البيروقراطي ، ولكننا رغم ذلك كله فإننا ما زلنا متفائلين بأن غدا يحمل في طياته خيرا كثيرا.. ختاماً : لماذا ترى وزارة التعليم أن العلاوة حافز للمعلم ؟؟ العلاوة حق مكتسب لجميع موظفي الدولة بأمر ملكي كريم فإذا أراد الوزير تحفيز المعلمين ، فالمجال واسع بعيدا عن مساومة المعلم على علاوته التي هي حق مشروع له.
بقلم مشعل سيف الشهراني معلم وباحث في جامعة الأمير سطام بن عبدالعزيز