جاء مشروع تطوير استراتيجيات التدريس في المملكة العربية السعودية تماشيا مع أساليب التدريس الحديثة ونحو إصلاحات تربوية جديدة، ولإثارة دافعية الطالب للتعلم وتشويقه للمادة التعليمية ولتكسبه الثقة في نفسه والقدرة على التعلم الذاتي والقدرة على الإبداع والابتكار. بادر المعلمون بتطبيق هذه الاستراتيجيات، فأحدث تطبيقهم تحولات عدة في جوانب العملية التعليمية؛ فقد ساهمت في تحول دور الطالب المحصور في كونه مستقبلا للمعلومات إلى كونه أكثر فاعلية وباحثا عنها ومستكشفا لها، ومن طالب كان جزءا من المجموعة إلى طالب مستقل قادر على تحديد طريقة تفكيره وحل مشكلاته، وفي تحول دور المعلم إلى مدرب وميسر لعملية التعليم ومساعد للطلاب في إنتاج المعرفة وبنائها، فلم يكن مقتصرا على إملاء المعلومات كما كان عليه قبل تطبيق الاستراتيجيات، وبناء على هذه التحولات تغيرت أساليب التقويم من التقويم المنفصل إلى التقويم المستمر. إلا أنه ثمة مآخذ على استخدام استراتيجيات التعلم الحديثة، إذ قد تعوق تحقيق أهداف التعليم المأمولة من تلك الاستراتيجيات، منها التصور الخاطئ من المعلمين تجاه هذه الاستراتيجيات، حيث اعتقد بعضهم أنها جاءت لتقلل من دوره، فألقوا دورهم ومهاهم على عاتق المتعلم، مبررين اعتقادهم ذلك بأهمية التعلم الذاتي في عصرنا، فيغيب عنه أن التعلم الذاتي استراتيجية من بين استراتيجيات عدة مختلفة، كذلك عدم إلمام بعض المعلمين بكيفية استخدام هذه الاستراتيجيات وعدم مراعاة معايير اختيار الاستراتيجية المناسبة للطلاب ومدى إسهامها في تحقيق أهداف الدرس. ومما يقلل فائدة الاستراتيجيات التعلمية هو عدم الموازنة في تقديم المادة التعلمية من خلال الاستراتيجية المستخدمة لعرض هذه المادة، فيجعل المعلم هدفه الأهم هو تلك الاستراتيجية، والتركيز الشديد سواء من المشرفين أو المديرين أو المعلمين في استخدام هذه الاستراتيجية وعدم تجديدها بما يتناسب مع خصائص الطلاب وقدراتهم ومستوياتهم، وقد يكون هذا سببا في تدني المستوى العلمي والأدائي والتحصيلي لكثير من الطلبة. فينبغي للمعلمين إعادة النظر في كيفية استخدامهم هذه الاستراتيجيات حتى لا تكون عقبة أمام تحقيق الأهداف المرجوة، ولا بد أن يعلم أن التعلم الذاتي نوع من أنواع الاستراتيجيات، إذا ساعدت في تحقيق أهداف وحدة دراسية معينة ليس ضروريا أن تحققها في وحدة دراسية أخرى، وعلى المشرفين تنمية اهتمامات المعلمين وتوجيههم للاستخدام الصحيح والأمثل لاستراتيجيات التعليم الحديثة؛ فالاستراتيجيات ما هي إلا وسيلة مساعدة لتحقيق أهداف الدرس المقصود.
مشعل بن سيف الشهراني معلم وباحث في الادارة التربوية بجامعة سطام بن عبدالعزيز بالخرج