هو الذي لديه الرغبة في الكلام من أجل الكلام دون هدف محدد، هدفه إبراز شخصيته أو فرضها على غيره، وكأنه يحكم على الطرف (الآخر) بعقوبة الإصغاء الكامل للكلام الفارغ الذي يشتت الحقيقة ويذهب مذاهب شتى، فمن موضوعات سياسية إلى اجتماعية إلى اقتصادية من دون أن يتطلب النقاش هذا الانتقال في الكلام. ومن سلبياته أن الشخص الذي يدخل في حوار معه. يجد نفسه في مأزق لا يحسد عليه؛ لأن الثرثرة من الناحية الفسيولوجية مرض عقلي لا يخدم الجوانب المعرفية، وإذا استطاع إيقافه عند حده وإبقاءه في صلب الموضوع، أمكنه المواصلة معه، أما إذا أخفق في الحد من الثرثرة فإن النقاش معه يطول ويصبح غير مجد. المدير الثرثار كثير التصريحات التي تربك العمل وتثير العاملين، كثير الأخطاء والاعتذارات، ترثرته تفشي أحيانا بعض أسرار العمل، كثير التسويف، لا يثق في وعوده وعهوده أحد، علاقة الناس معه أساسها الخوف والشك وعدم المصداقية. المدير الثرثار قد يصيبنا الحديث معه بالكثير من الملل، ومن ثم الصداع والضجيج، فهو شخص عندما يبدأ بالحديث قد يستمر إلى ما لا نهاية، وقد تقضي ساعة أو اثنتين أو ثلاث تستمع إلى حديث يدور في دائرة مغلقة ولا سبيل للتعامل معه. في الحقيقة إن مثل هؤلاء الأشخاص يكونون من ضمن دائرة الحديث المغلق الذي لن يوصل إلى نتيجة نهائية، خاصة إذا ما علمنا إن حديثهم يدور في الأغلب حول نقاط معينة، تشير إلى كونهم يعلمون ما لا نعلم ويحيطون بخفايا ما لا نفهم، وهذا الأمر يقودنا إلى الحديث حول الأسلوب الذي يجب إن يعالج مثل هذا الأمر، فالبعض منا يخجل من تصرف مديره الثرثار، ويترك الأمر إلى أن ينتهي تلقائيا، والبعض الأخر قد يتصرف بطريقة فجة بحيث يطلعه على عيوبه وعلى النقاط التي تظهر هذه العيوب، وفي النهاية فالأمر يعتمد على المتلقي في الأسلوب الواجب أن يستخدمه في التعامل مع هذا المدير حتى يستطيع إن يوقف تلك الثرثرة، للتعامل مع المدير الثرثار. ننصح بتفاديه قدر المستطاع، والاستماع إليه مع محاولة تغيير الموضوع بعد إبداء إشارات الامتعاض على الوجه، وطلب الحديث مع الإصرار على عدم المقاطعة وإخباره بأسلوب حذر ولبق بنقاط الضعف في حديثه والاستئذان بعد ذلك وتركه كثير من الموظفين في بعض دوائر أعمالنا، مبتلى بمدير فاشل؛ إما أخرس لا يتكلم، أو ثرثار لا يعطي الفرصة غيره ليتكلم. وفي كلا الحالتين؛ ابتلاء عظيم!. المدير الناجح ليس ثرثار، يميل للصمت والاستماع، ويقتصر في حديثه على القليل الجميل النافع، فحديث الإنسان ترجمان عقله ودليل فضله .ولا يوجد أفضل من حبس اللسان الذي يعجز عن الصواب، والحكمة تقول: خير الكلام ما قل ودل.! بقلم د.هلالبن محمدالعسكر