"تقليل أعداد الحجاج، غياب التكامل عن القطاعين العام والخاص".. أزمتان حقيقيتان يجد قطاع العقارات نفسه محاصرًا بينهما وسط مخاوف متصاعدة من مخالفات خطط المملكة التنموية. ورصدت صحيفة محلية آراء عدد من خبراء القطاع العقاري في محاولة للخروج من عنق زجاجة الأزمة، وتحدث كثيرون عن أن هذا القطاع الاقتصادي المهم كان شبه متجمِّد خلال موسم الحج الماضي في معظم عملياته السوقية، بمختلف فروعها من بيع وشراء وتأجير، ومن ضمنها البناء، وقدرت نسبة هبوط حركته إلى ما يزيد على 80 %. احذروا الخصخصة من جانبه، أكد ماهر بن صالح جمال، رئيس مجلس إدارة الغرفة التجارية الصناعية في مكةالمكرمة، أن المنافسة القوية التي يقودها القطاع العام ضد القطاع الخاص في مجال التطوير العقاري في المملكة بشكل عام، وفي مكةالمكرمة على وجه الخصوص، تعد مخالفة صريحة وواضحة لتوجهات الدولة وللخطط الخمسية التنموية بشكل عام. وقال "بن صالح": "جميع خطط التنمية الخمسية التي تعتمدها حكومة خادم الحرمين الشريفين والدولة، تشير بوضوح إلى أهمية دعم القطاع الخاص، وتأكيد دوره في التنمية، ذلك لأن معدلات الأداء والإنتاجية بالقطاع الخاص أعلى منه بالقطاعات العامة". وأوضح جمال، خلال اللقاء الذي عقدته الغرفة مؤخرًا مع مجموعة من المستثمرين في مجال التطوير والاستثمار العقاري؛ لمناقشة المخاوف التي بدأت تظهر على السطح وتهدد بهجرة الرساميل العقارية من مكة، أن معظم التوجيهات تدعو إلى التخصيص -الخصخصة- وليس العكس. وفق "عاجل". ورأى رئيس غرفة مكة، أن ما تقوم به بعض الجهات من القطاع العام، من خلال دخولها للسوق العقاري كمنافس مباشر للقطاع الخاص والأهالي، يسبب إضرارًا بالمواطنين الذين استثمروا في القطاع، ولا يتفق مع ما ظل يدعو إليه خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز من الحرص على خدمة المواطن وتقديم الخدمات له والمحافظة على مدخراته. ابعدوا "العام عن الخاص" من جهته، اتفق إيهاب بن عبد الله مشاط، نائب رئيس مجلس إدارة الغرفة مع كثير من الطروحات فيما يخص مخاطر دخول القطاع العام لمنافسة القطاع الخاص، قائلا: "القطاع العام لا يزال ينتظره الكثير من الأدوار بالبنى التحتية كمشاريع الطرق والقطارات والمطارات والموانئ وإسكان ذوي الدخل المحدود من المواطنين". فيما، أشار الشريف منصور أبو رياش رئيس اللجنة العقارية في الغرفة التجارية الصناعية بمكةالمكرمة، إلى أن هناك مجموعة من المشروعات العقارية المطروحة من قبل القطاع العام ممثلة في وزارة المالية وبعض الشركات المختلطة شبه الحكومية، تقوم بعمليات منافسة للقطاع الخاص. ووصف ذلك النوع من المشروعات ب"الضار" للاستثمار في السوق، وأن من شأنه أن يتسبب في إحداث عمليات إغراق بالوحدات العقارية فتختل معادلة العرض والطلب نظرًا للخروج عن دائرة محددات الطلب. وتساءل أبو رياش: "إذا كان القطاع يعاني لعامين فائضا كبيرا بالعرض، فما بالنا بإضافة عدد من الوحدات السكنية الجديدة؟"، وتابع: "هذه المشاريع تتسع لتغطي مساحات كبيرة أو تمنح مميزات غير عادلة مع باقي المنافسين بمنحها لتعدد أدوار ومعاملات بناء أكبر من المشاريع الخاصة بالأهالي والقطاع الخاص". على الصعيد ذاته، طالب المهندس محمد برهان سيف الدين، مستشار التخطيط العمراني، بالتكامل في المعلومات حول المتاح من الغرف والأسرة لإسكان الحجاج، وما يستجد منها، مضيفًا: "كل هذه المعلومات تعطي صورة أوضح للتخطيط وتطوير الخدمات، وأدعو- كذلك- للاهتمام بتحديد المساحات والسعة الاستيعابية لكل مشروع جديد حتى لا يتعرض السوق لموجات إغراق لها آثار سلبية". الأوقاف تحت المجهر أما الدكتور حامد الهرساني عضو اللجنة العقارية واللجنة الهندسية في الغرفة التجارية الصناعية بمكةالمكرمة، فرأى أنه يجب على "الأوقاف أن تدرس حاجتها، فإذا كان هنالك وقف مخصص للإنفاق على مرفق معين، فليس مناسبًا أن يوقف له استثمار يدر عشرات أضعاف حاجته وبشكل مبالغ فيه؛ لأن ذلك يضر بمصالح الآخرين". ولفت هرساني إلى أهمية أن تكون جميع المشاريع ذات بعد تنموي، من خلال خلق فرص تجارية لأبناء الوطن، بحيث تكون المشاريع مولدة لفرص تجارية، اضافة الى الفرص الوظيفية والخدمية، مما يساعد في خفض معدلات البطالة، أو ينهيها بشكل جذري خاصة في حال وجد التنظيم المناسب. بينما، حذر المهندس رضا كردي، عضو اللجنة العقارية في غرفة مكة، من انحراف كثير من المشاريع عن تطبيق المخطط الشامل الذي ظل يدرس لفترات طويلة، قائلا: "هناك مشاريع رغم إقراراها لم تنفذ أو أن الكثير من التجاوزات تتعارض مع هذا المخطط". أزمة ال20% بدوره، قال المستثمر في القطاع العقاري خالد سيف الدين، إن خفض أعداد الحجاج للعامين الماضيين كانت له آثار سلبية كبيرة جدًا على القطاع العقاري، وهناك انخفاضات كبرى للقيم الإيجارية نتيجة خفض الطلب بنسبة 20 % في فترة ما زالت مشاريع عقارية ضخمة تدخل إلى سوق العرض. ودعا سيف الدين إلى ضرورة وقف دخول القطاع العام للمنافسة للقطاع الخاص إذ إن للقطاع الخاص فائضًا بالعرض فما بالنا بإضافة مشاريع كبرى بطاقات استيعابية كبيرة. الدكتور موفق أمين جاد - من مجموعة الجاد الاستثمارية فيرون – تمسك بأن تأثر عائدات المستثمرين بشكل كبير للعامين الماضيين ناتج عن تخفيض عدد الحجاج، مؤكدًا أن كثيرًا من المستثمرين دخلوا في دوامة الديون. وأوضح أن عقود عقارية كانت موقعة لمدة 3 -5 سنوات، ومنذ ثم فكل من وقع عقود عام 1431 تأثر بقرار التخفيض، بل أن المحاكم استقبلت منذ العام الماضي الكثير من القضايا نتيجة قرار الخفض.