شهدت مهنة الطوافة من عام 1403 بدءاً من عبدالوهاب عبدالواسع، ثم محمود صقر، وإياد مدني، وفؤاد فارسي، وصولاً إلى بندر حجار، تطورات كبيرة، وكانت تكلفة الحج للشخص قرابة 1029 ريال. ومع اقتراب انتهاء حجاج بيت الله الحرام من أداء مناسكهم ورميهم الجمرات الثلاث برفقة مطوفيهم، تعود الذاكرة لاستذكار تطورات مهنة الطوافة من أفراد ارتبطت أسماؤهم بأُسَر مكية، إلى مؤسسات كبيرة، وكيف كان يصل الحاج لأداء حجه مع المطوفين. من فردية إلى مؤسسات يقول المطوف عبدالرحمن السقاط من مؤسسة حجاج جنوب آسيا: "كان أباؤنا من المطوفين يذهبون إلى الهند والباكستان لعرض خدماتهم على راغبي الحج، ويمكثون في تلك الدول قرابة 6 أشهر، وبعد وصول الحاج إلى المملكة يبدأ "بالسؤال" عن المطوف؛ حيث تستقبله لجنة من وزارة الحج، وتُعِدّ "تقريراً" بعد سؤال الحاج، يُرسَل إلى مكة، ويبلغ فيه المطوف عن عدد الحجاج القادمين من دولة الباكستان؛ إن كان مسؤولاً عنهم. وبعدها تطورت مهنة الطوافة، وانتقلت من فردية إلى مؤسسات ومجموعات متكاتفة معاً في مكة لخدمة بيت الله الحرام. وتابع "السقاط ": "وبعد وصول الحاج كان هناك وكيل موجود في جدة يقوم بتأمين الحاج وأمتعته في عربة، ويرسله إلى مكة؛ حيث يستقبله المطوف الذي يقوم بترتيب شؤون حجه، ويتكفل "الزمزمي" بتأمين نقل ماء زمزم وتعبئتها في أحواض من الفخار، توضع عند باب الملك عبدالعزيز، ومع تطور الحياة أصبح هناك "الجراكيل"، يقوم الزمزمي بتعبئتها وإيصالها إلى سكن الحاج، واليوم تطورت هذه المهنة وأصبح هناك مكتب خاص بالزمازمة يعتني بسقيا الحجاج. أما الدليل فكان متواجداً في المدينةالمنورة يستقبل الحاج أثناء وصوله إلى هناك ويقوم بإرشاده. 14 مطوفة واستطرد المطوف "السقاط": "لم تقتصر مهنة الطوافة على الرجال؛ بل كان في مكة تقريباً 14 مطوفة شهيرة تقدم خدماتها للحجاج، من خلال تعاقدها مع عدد المطوفين الذين يقومون بتطويف وسعي الحجاج، وتأمين السكن، ولديها أشخاص يقومون بترتيب هذه الإجراءات، وكانت تقوم مقام الرجل في خدماتها، وصاحبة القرار فيمن يعمل تحت إدارتها من الرجال". شمس وعابد "شمس" و"عابد" أسماء باخرتين كانتا الأكثر شهرة بين مطوفي مكة وأهل جدة؛ لأنهما كانتا الوحيدتين تقريباً في نقل الحجاج من بلادهم، بالإضافة إلى البواخر المصرية التي لا تزال من أكثر البواخر التي تعمل على نقل الحجاج؛ حيث كانت رحلة الحاج القادم مثلاً من الهند تطول 14 يوماً حتى يصل جدة، ويمكث الحاج في المملكة 6 أشهر كاملة، يقيمون في منازلنا ونأكل سوياً؛ كوْن العدد كان قليلاً جداً؛ على عكس الوقت الحاضر الذي تَزَايَدَ فيه العدد. ثم يذهب الحاج إلى المدينةالمنورة ويغادر الحاج قرابة 18 ذي الحجة. بلاغ مكة كان بلاغ مكة الشهير، والذي صدر عن الملك عبدالعزيز رحمه الله ونُشر في جريدة "أم القرى" في 15 من جمادى الأولى 1343ه، نقطة بداية في مسيرة طويلة وشاقة، سعت نحو تجسيد البلوغ الأسمى "الحاج أمانة في أعناقنا"، وكان البلاغ النقطة الأولى في تنظيم عمل الطوافة، وتم إعطاء صكوك لكل مَن عَمِل في هذه المهنة من أشخاص. ونص البلاغ على أنه "على كل مَن كان من العلماء في خدمة الديار أو موظفي الحرم الشريف أو المطوفين ذا راتب معين؛ فهو على ما كان عليه من قبل إذا لم نزده، إن لم ننقص منه شيئاً؛ إلا رجلاً أقام الناس عليه الحجة أنه لا يصلح لما هو قائم عليه؛ فذلك ممنوع مما كان له من قبل، وكل من كان له حق ثابت في بيت مال المسلمين أعطيناه حقه ولم ننقصه شيئاً". عيدية ابن المطوف ويتابع "السقاط": "كنا نخرج مع أبائنا إلى المشاعر المقدسة يوم عرفة وأيام التشريق بانتظار عيدية كان يعطينا إياها الحجاج، وكانت عبارة عن ريال واحد، وكان المطوفون في السابق يستأجرون عدداً من الأحواش في المشاعر لنصب الخيام التي لم يزد عددها على عشر خيام أو 15 خيمة، وكان الحجاج يأتون بالهدايا وبعضها من الذهب وخصوصاً حجاج جنوب إفريقيا؛ أما إندونيسيا وماليزيا فكانوا يحضرون اللباس الخاص بهم (الفوطة الفاخرة). ويشير إلى أنه لم تكن هناك حافلات كبيرة لنقل الحجاج إلى المشاعر المقدسة، وأول من ابتكر فكرة حافلات نقل الركاب كان بيت "الكعكي"، وكانت تنقل الحجاج ولم يكن فيها أي مكيفات وغيرها. مرسوم 1403 جاء المرسوم الملكي عام 1403 لتنظيم مهنة الطوافة، وإنشاء مؤسسات الطوافة التي تَمَثّلت في 6 مؤسسات تخدم جميع دول العالم منها: مؤسسة الدول العربية التي تخدم الدول العربية، ومؤسسة جنوب آسيا تخدم الهند والباكستان، ومؤسسة جنوب شرق آسيا تخدم ماليزيا، ومؤسسة تركيا مخصصة لتركيا ومسلمي أوروبا، ومؤسسة الإفريقية التي تخدم إفريقيا والدول غير العربية، ومؤسسة مخصصة لإيران. وفق موقع "سبق". واستمر عمل تنظيم مؤسسات الطوافة في عهد عبدالوهاب بن أحمد بن عبدالواسع عام 1403، إلى أن استقرت عام 1405. وأقيمت مجموعات تُدعى مخيمات الخدمة الميدانية التي تضم مجموعة من المطوفين (رئيس، ونائب، وأعضاء والقطاعات). مهنة متوارثة ويضيف "السقاط" أن مهنة الطوافة متوارثة من الأجداد والآباء، وبالتالي تم رصد سجلات من وزارة الحج بأسماء المطوفين، وتم توريثهم هذه المهنة لأبنائهم وسمح لهم النظام بالعمل في الطوافة، وجميع المؤسسات الستة توارثت مهنة الطوافة؛ أي لم يكن هناك أي شخص من خارج الطائفة يعمل مطوفاً؛ بل تنحصر مهنة من يقدم الخدمة للمطوفين في أبناء الطائفة. http://www.youtube.com/watch?v=rwZ-_sIr-h8