أصدرت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والافتاء برئاسة مفتي عام المملكة العربية السعودية الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ - حفظه الله - بياناً حول أحداث غزة , جاء فيه : الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين ؛ نبينا محمد وعلى آله وصحبه ؛ ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين . وبعد : فإن " اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء " في المملكة العربية السعودية ؛ تابعت بكل أسى وحزن وألم ما جرى ويجري على إخواننا المسلمين في فلسطين وفي قطاع غزة على الخصوص ؛ من عدوان وقتل للأطفال والنساء والشيوخ ، وانتهاك للحرمات وتدمير للمنازل والمنشآت وترويع للآمنين ، ولا شك أن ذلك إجرام وظلم في حق الشعب الفلسطيني . وهذا الحدث الأليم يوجب على المسلمين الوقوف مع إخوانهم الفلسطينيين ، والتعاون معهم ونصرتهم ومساعدتهم ، والاجتهاد في رفع الظلم عنهم بما يمكن من الأسباب والوسائل تحقيقًا لإخوة الإسلام ورابطة الإيمان ، قال الله تعالى : ? إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ ? . [ الحجرات : 10 ] . وقال - عز وجل - : ? وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ ? . [ التوبة : 71 ] . وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : ( المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضًا ، وشبك بين أصابعه ) . [ متفق عليه ] . وقال أيضًا - عليه الصلاة والسلام - : ( مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر ) . [ متفق عليه ] . وقال - عليه الصلاة والسلام - : ( المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يسلمه ولا يحقره ) . [ رواه مسلم ] . والنصرة شاملة لأمور عديدة حسب الاستطاعة ومراعاة الأحوال سواء كانت مادية أو معنوية ، وسواء كانت من عموم المسلمين بالمال ، والغذاء ، والدواء ، والكساء ، وغيرها ، أو من جهة الدول العربية والإسلامية بتسهيل وصول المساعدات لهم ، وصدق المواقف تجاههم ، ونصرة قضاياهم في المحافل ، والجمعيات ، والمؤتمرات الدولية والشعبية ، وكل ذلك من التعاون على البر والتقوى المأمور به في قوله - سبحانه وتعالى - : ? وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبَرِّ وَالتَّقْوَى ? . [ المائدة : 2 ] . ومن ذلك - أيضًا - بذل النصيحة لهم ، ودلالتهم على ما فيه خيرهم وصلاحهم ، ومن أعظم ذلك - أيضًا - الدعاء لهم في جميع الأوقات برفع محنتهم ، وكشف شدتهم ، وصلاح أحوالهم ، وسداد أعمالهم وأقوالهم . هذا وإننا نوصي إخواننا المسلمين في فلسطين بتقوى الله - تعالى - والرجوع إليه - سبحانه - ، كما نوصيهم بالوحدة على الحق ، وترك الفرقة والتنازع ، وتفويت الفرصة على العدو التي استغلها وسيستغلها بمزيد من الاعتداء والتوهين . ونحث إخواننا على فعل الأسباب لرفع العدوان على أرضهم مع الإخلاص في الأعمال لله - تعالى - ، وابتغاء مرضاته ، والاستعانة بالصبر والصلاة ، ومشاورة أهل العلم والعقل والحكمة في جميع أمورهم ، فإن ذلك أمارة على التوفيق والتسديد . كما أننا ندعو عقلاء العالم والمجتمع الدولي بعامة للنظر في هذه الكارثة بعين العقل والإنصاف لإعطاء الشعب الفلسطيني حقوقه ، ورفع الظلم عنه حتى يعيش حياة كريمة ، وفي الوقت نفسه نشكر كل من أسهم في نصرتهم ومساعدتهم من الدول والأفراد . نسأل الله بأسمائه الحسنى وصفاته العلا : أن يكشف الغمة عن هذه الأمة ، وأن يعز دينه ، ويعلي كلمته وأن ينصر أولياءه ، وأن يخذل أعداءه ، وأن يجعل كيدهم في نحورهم ، وأن يكفي المسلمين شرهم ، إنه ولي ذلك والقادر عليه . وصلى الله وسلم على نبيا محمد ، وعلى آله وصحبه ، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .