تناولنا في المقال السابق الأسباب التي تعوق تفوقك وإثبات حضورك القيادي وكانت 1- إقناع نفسك بأن الحضور سمة فطرية ،2- محاولتك لتقليد الناجحين ، 3- الاعتقاد بأنك على ما يرام 100% وانتقلنا إلى سؤال هام وهو كيف يمكن تطوير معتقداتنا الذهنية ؟ في البداية يجب أن تعلم أن الكلمات التي نتفوه بها والسلوكيات التي نتبناها تأتي من معتقداتنا الذهنية ، والتي تشكلت لدينا خلال منحنى خبراتنا السابقة . وهنا تظهر أهمية أفكارنا ومدى إيماننا بها في تغيير مسار خبراتنا والقيام بأعمالنا وكذلك درجة وطريقة تفاعلنا مع الآخرين . لذلك يجب أن نقييم معتقداتنا الذهنية ونحدد السلبي والإيجابي منها ، و يٌعد ذلك أولى خطواتنا نحو بناء البصمة الشخصية القوية والمؤثرة . لكن الأكثر أهمية هنا هو تحديد و اكتشاف المعتقد الذي يحكم تصرفاتنا وتأثيره على بصمتنا الشخصية . ثم كيف يمكننا الخروج والتحرر من القيود التي تفرضها معتقداتنا السلبية في تصرفاتنا ، والاستقرار في خانة المعتقدات الإيجابية لتقودنا إلى البصمة القوية للشخصية . و لنأخذ مثالاً بموقف أو حالة سيدنا عمر بن الخطاب (رضي الله عنه ) و كيف تحولت معتقداته الذهنية السلبية تجاه الإسلام و تجاه نبينا - (صلى الله عليه وسلم ) الذي تعلم منه الصحابة رضوان الله عليهم فن القيادة الرشيدة - إلى معتقدات إيجابية أولاً : وبدون شك هو فضل الله و هدايته عليه . ثانياً : بالتفكير الإيجابي البعيد عن العصبية والجاهلية ، وإحكام العقل فيما قرأه من آيات قرآنية كانت تقرؤها أخته وزوجها . كذلك كيف غير الوضوء من حالته الهائجة إلى الهدوء "كما أرشدنا خاتم الأنبياء والمرسلين" . وبعد ذلك كيف تحولت غلظته وقوته من الشر والعنف في الجاهلية إلى قوة في الحكمة والعدل وخوفه من الله عز وجل في عهد الإسلام وخلافته . والسؤال هنا كيف نطور تلك المعتقدات إذاً ؟ بإتباع الآتي: أولاً : ثق في قدراتك الشخصية يعاني الكثير منا بشعور قله الحيلة وعدم القدرة على تحقيق التأثير الفعال في مواقف عدة . ويٌعد هذا الشعور محبطاً في طريق تحسين وتطوير قدراتنا . هنا يجب عليك القيام بتحديث دوري لرؤيتك ومعتقداتك لكي تعتمد ثقتك على مرجعية صلبة وقوية ومبنية على أرض الواقع ويمكننا فعل ذلك عن طريق ما يلي : أ. حدد مواطن قوتك يمكنك تحديد مهاراتك و سماتك الفريدة التي تساهم في إكتساب الثقة اللازمة . أسأل نفسك : ما الذي يميزني ويفتقر إليه الآخرون ؟ وهنا يمكنك الاستعانة بزملائك الموثوق في وجهة نظرهم غير المتحيزة تجاهك ب.حدد دائرة تأثيرك إن تحديد دائرة تأثيرك ربما يتم بشكل مبالغ فيه أو يتم تضييقه على خلاف الواقع . ولتقريب الفكرة نأخذ مثالاً لحالة مدير مدرسة وتسأل سؤلاً هل تأثيرك ظاهراً على مٌدرسينك وتلاميذك جميعهم ؟ هل تأثيرك و أنت موجود بنفس درجة تأثيره وأنت غائب عن العمل ؟ هل تأثيرك يمتد خارج نطاق مدرستك ؟ إلى المدارس الأخرى ؟ أولياء الأمور ؟ مديري الإدارات التعليمية ؟ هل التأثير يأتي من وظيفتك وموقعك ؟ أم تأثيرك يأتي من شخصيتك القيادية ؟ ت.حدد مفهموك للنجاح مفهوم النجاح في هذا الصدد لا يأتي من خلال مفهموك الشخصي فقط للنجاح ، ولكن يجب أن تكون قادراً على إستيعابك الشخصي لاحتياجات وتطلعات مؤسستك ورؤيتها بخصوص ذلك . كذلك لا تنسى أن تطلعات ورؤية أعضاء فريقك في العمل ، ورؤساؤك ربما تختلف عن تطلعاتك . ثانياً : طور منظورك الفكري ( وجهة نظرك ) يشترط لكي تكون صاحب حضور وشخصية قوية أن تتقبل وجهات النظر المختلفة وتتعامل مع الأمور بمنظور شامل . ولكي تطور منظورك الفكري عليك بالآتي : 1- ضع نفسك مكان الآخرين في كثير من الأحيان يجب عليك أن تضع نفسك مكان الآخرين وتتخلى عن تحيزك لرؤيتك الخاصة . ربما يجعلك ذلك أكثر إدراكاً لفهم ورؤية الآخر ، ويحقق الصالح العام ويرضي جميع الأطراف . 2- تبن منهجاً إستراتيجياً شاملاً دائماً ما ينظر القادة الناجحين إلى الأمور بنظرة شاملة فهم يحتاجون إلى أن تكون نظرتهم للأمور بانورامية . وهو ما يعني قدرة القائد على الإنفصال بذاته عن فوضى الآراء المتضاربة ، ويرى الصورة بشكل أكبر وأوسع . 3- حدد مبادئك وقيمك هنا أرى إختلافاً بين المبادئ والقيم . فأنا كمدير أعمل وفق المبادئ التي أؤمن بها لأن المبادئ لا تتغير مع الزمن عكس القيم التي ربما تختلف من مكان لآخر ومن شخص لآخر .فاللص يسرق من خلال قيمه التي تحفزه على السرقة ، والفاسد لديه قيمه للحصول على غايته ، في حين المبادئ لا تقبل ذلك أو ذاك .هنا عليك تحديد المبادئ والقيم التي تلعب الدور الأكبر في تحقيق نجاحك وتميزك . ولنأخذ مثال و أنت طالب أثناء المرحلة الجامعية فإذا كنت تعمل من خلال قيمك فإنك سوف تركز في مذاكرتك على ما يركز عليه أستاذك أثناء المحاضرات ، وسوف ترى أنه أكثر أهمية من غيره أثناء مراجعتك للإختبار . في حين إذا كنت صاحب مبدأ في مذاكرتك سوف تذاكر جميع الأجزاء لأنك تذاكر بطريقة معينة ولا تغيرها بغض النظر عن تركيز أستاذك على نقاط معينة . هنا نأتي إلى النقطة الأهم في سياق تطوير قدراتنا لتحقيق الشخصية القوية هل نحتاج إلى تعزيز طريقتنا للتواصل مع الآخرين لنحقق الفاعلية المطلوبة لتوصيل وجهات نظرنا بشكل أكثر كفاءة ؟ والإجابة نعم و بكل تأكيد والسؤال كيف ؟ انتظرونا في المقال القادم إن شاء الله تعالى د.حمادة فوزي ابوزيد رئيس قسم إدارة الأعمال - جامعة الأمير سطام بن عبد العزيز و عضو بالجمعية السعودية للإدارة