د.هلال محمد العسكر الواقع أن القضاء في غاية الأهمية للمجتمعات البشرية ، وتقدم الأمم ورقيها مرهونٌ بوجود القضاء العادل الذي يَنشر الأمن والأمان والاستقرار وينظم حياة الناس ويحدد حقوقهم ، ويعطي كل ذي حق حقه ، فهو في الواقع في يد الضعيف سلاحٌ متين يدرأ به غائلة القوي ويكسر به عنفوانه ، وشدته ، ويخفض من جبروته ، ويمنع سطوته وهو -أي القضاء- في يد القوي سراج يضيء به طريق الحق ، إذا حاولت نفسه أن تُثنيه عن المضي فيه ، ولا يمكن لمجتمع من المجتمعات أن يستغني عن القضاء أبدًا ، وإلا عادت إليه الفوضى والتشرذم ، وأكل قويها ضعيفها ؛ فالقضاء هو الضامن –بعد الله- لحرية الأشخاص وحقوقهم. إن القضاء لدينا يعاني بشكل عام من نقص كوادره وتعقيد التعيين فيه ، وكذلك لا وجود لهيبة قضائية داخلياً بسبب ضعف الإنجاز وتطويل مدة التقاضي ، وكثرة القضايا أمام المحاكم العامة والمحاكم الإدارية ، ونقص عدد القضاة في مواجهة الكم الكبير من القضايا ، وهذا يضر في سير العدالة ويؤخر النظر في مداولات القضايا ويعطل مصالح الناس. إننا لا نعمم ولكن نخص ما رأيناه ولمسناه في المحكمة العامة بالدلم في محافظة الخرج التي تعد من اوائل المحاكم الشرعية بالمملكة ، حيث أنها رغم قدمها وأهميتها وحجم إنجازاتها وكثافة مراجعيها لا تزال بحاجة ماسة الى : 1. مقر حكومي مناسب يفي بحاجتها حيث لا تزال في مبنى مستأجر منذ عشرات السنين ، ولا تتوفر فيه كافة وسائل الأمن والسلامة والإنتاجية والراحة للموظفين وللمراجعين كالإضاءة الكافية والتهوية الصحية الملائمة والتكييف المركزي وطفايات الحريق وقاعات الانتظار والمصاعد والممرات الخاصة بعربات ذوي الاحتياجات...الخ 2. 3. رئيس ونائب له حيث أن الرئيس لا يزال بالتكليف ولا يوجد من ينوب عنه حال غيابه. 4. مزيد من القضاة حيث لا يوجد الا قاضيان أمام قضايا كبيرة وعديدة تحتاج من الوقت والجهد الكثير. 5. موظفين مختصين في ادارة المكاتب وأعمال السكرتارية القضائية (الضبط) والمحاسبة وحفظ الوثائق وصيانتها وترميها. 6. المزيد من الأجهزة والتجهيزات التقنية الحديثة التي تساعد على سرعة الإنجاز ومكننة العمل وربطه بالمركز الرئيس. 7. دورات تدريبية مستمرة ومكثفة لكافة منسوبي المحكمة في مختلف المستويات لتطوير الأداء وتحسينه كما ونوعا. ختاما نأمل المزيد من الاهتمام بهذا القطاع الحيوي والمهم لحياة الناس ، وذلك بتحسين أوضاع المحاكم ومنح القضاة من رؤساء وغيرهم المزيد من الصلاحيات التي تمكنهم من أداء المهام وتطوير العمل وبيئته دون أي معوقات مركزية ، والأمل -بعد الله- معقود على مشروع الملك عبدالله لتطوير القضاء - إن لم يعرقل كغيره- لمعالجة كافة الاختلالات القضائية (التنظيمية والإجرائية) ، كما أن الأمل أيضا معقود على الجيل الجديد من القضاة الشباب الذين يطمحون الى الارتقاء بمنظومة القضاء الى الأفضل. همسة: أتمنى والحديث عن محكمة الدلم أن يعاد النظر في الوقف المعروف "بوقف ال سعود لقضاة محكمة الدلم" ، الذي خصص لقضاة المحكمة في زمن سابق كان القضاة فيه بمداخيل ضئيلة جدا لا تسد حاجتهم ، وكانوا يستضيفون طلاب العلم وينشرونه ويدفعون للمحتاجين من جيوبهم ، وأن يصرف هذا الوقف للفقراء بدلا عن صرفه لقضاة المحكمة الذين تحسنت اليوم ولله الحمد أوضاعهم وليسوا بحاجة لمثل ذلك.