د. هلال بن محمد العسكر يعتبر التعليم التقني والتدريب والمهني من أهم ركائز التنمية البشرية ويتبوأ درجة عالية في سلم اهتمام وأولويات الدول والمجتمعات حيث ضرورته وأهميته وتأثيره المباشر وغير المباشر في حياة الناس اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا وأمنيا...الخ وحين تجاوز هذا النوع من التعليم والتدريب في بلادنا مرحلة النشأة وبلغ مرحلة النضج بفضل الله ثم بجهود الدولة التي أغدقت عليه بالمليارات ، فإنه لا يزال بسبب انحرافات وقرارات ادارية غير متأنية ولا مدروسة يتعرض من قبل عموم أفراد المجتمع بكافة شرائحه ومستوياته للعديد من التساؤلات حول جودته وانجازاته ومدى تحقيقه للأهداف المأمولة منه، ومن حق المتسائلين أن سيتساءلون، لأنه عجز بشهادة منسوبيه والقائمين عليه عن الاسهام في تخليص الاقتصاد الوطني من ثقل التحويلات المالية المرهقة التي تحولها ملايين العمالة الوافدة للعمل في مهن لا يحمل أصحابها أي نؤهل ، وعجز كذلك عن الإسهام في الحد من البطالة الظاهرة المزعجة للمجتمع والحد من منافسة العمالة الوافدة للعمالة الوطنية ومزاحمتها في جميع الحرف والمهن وحرمانها من التعلم واكتساب الخبرات التقنية والمهنية المتطورة، وأيضا عجر عن الإسهام في الحد من معدلات الجريمة التي تضاعفت بسبب ملايين العمالة الوافدة، هذا بالإضافة الى عجزه عن نشر الثقافة التقنية والمهنية وتحسين الصورة الذهنية (الدونية) للعمل التقني والحرفي المهني بين أفراج المجتمع وخاصة بين جيل الشباب، وعجزه عن تحقيق اهداف توطين الوظائف التقنية والمهنية وتوطين التقنية وأجهزتها وتجهيزاتها ، وفشله الذريع في الاعتماد على الذات والاستثمار في القدرات والامكانات المادية والبشرية المتوفرة، وعدم قدرته على كسب ثقة المجتمع ورضاء المستفيدين من متدربين وسوق عمل على خدماته واخفاقه في وضع مخرجاته في المكان اللائق والمناسب في سوق العمل في وقت تتجه في المملكة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الى نقل المملكة الى مصاف الدول المتقدمة في التعليم التقني العالي والتدريب المهني وللعالم الصناعي والتجاري والزراعي والمعلوماتي المتطور واقتصاد المعرفة وغيرها من المال والتطلعات التي تليق بمكانة المملكة وقدراتها المادية والبشرية الهائلة. نختم بدعوة وطنية خالصة كل من يهمه الأمر وكل مخلص للوطن وللتعليم التقني -الذي الغي ودفن حيا لحاجة في نفس يعقوب والتدريب المهني الذي يحتضر في هذا الوطن الطموح- الى التأمل في كل ما صدر حول التعليم التقني والتدريب المهني من دراسات وبحوث وكتابات وتوصيات لقاءات ومنتديات وندوات ومؤتمرات علمية وقرارات وتوجيهات ملكية للوقوف على الواقع المر دون مجاملات وسماع مناداة المخلصين والمختصين دون انحياز بإعادة النظر في منظومة هذا التعليم والتدريب التقني والمهني ومؤسسته وتوجهاتها الخاطئة التي سلكتها ولا تزال تسلكها دون بوصلة ، إذ لا يمكن للتنمية أن تنجح دون نجاح التعليم والتدريب أولا ، ويكفينا مسيرة أكثر من أربعة عقود رأينا في العقد الأخير منها تراجعا الى الوراء بشكل ملحوظ أكثر من التقدم الى الأمام وصار التخطيط فيه للفشل أكثر من التخطيط للنجاح ، والشواهد على ذلك كثيرة ، وأهل مكة أدرى بشعابها.!!