إن الإشاعة جريمة ضد أمن المجتمع واستقراره ونماءه ، وصاحبها مجرم وعابث ومخرب في حق دينه ووطنه ومجتمعه وأمته، فهو يثير الاضطراب والبلبلة والفوضى في الأمة، فهو ربما شر من مروجي المخدرات، لأن كلاً منهما يستهدف الإنسانية وسير حياتها وحضارتها إن الإشاعة تنفرد عن غيرها بأنها لا تريد إثباتاً ولا دليلاً لكي تصدق وتنتشر ويؤخذ بها ، وليس مهماً في ميزانها الصدق والحق والأخلاق والقيم لا كثيراً ولا قليلاً . وإن من المؤلم والموجع حقاً، أن يكون البعض من المسلمين ساذجاً ويتلقى الإشاعات المغرضة وكأنها حقائق مسلمة لا تقبل الرد أو النقاش أو التكذيب . إن ديننا الإسلامي الحنيف قد وضع منهجاً دقيقاً ومحكما للفرد والجماعة للوقاية من خطر الإشاعة وآثارها وهو التثبت والتيقن من صحتها، بل وضع منهجاً في التثبت من كل قول وكلام وعدم نقل الكلام ونشره لمجرد سماعه فحسب ، فالأصل في المسلم دوماً أن يطلب الدليل والبرهان فقال سبحانه : {لَوْلا جاؤُ عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَداءِ فَأُولئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكاذِبُونَ (13)} النور: 13 ومن باب أولى في باب التثبت عند ورود الخبر أو القول أو الإشاعة إذا كان مشكوك فيمن قالها أو من جاء بها قال عز وجل : "إن جاءكم فاسق بنبأ تبينوا" الحجرات: 6 ولا يصح لنا أن نتكلم بكل ما نسمع ويشاع إلينا وحدنا، بل نرده إلى أصحاب العلم والفهم والتجارب والآراء السديدة، وقد جاء هذا صريحاً واضحاً في القرآن فقال تعالى : ((وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الأَمْنِ أَوْ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاتَّبَعْتُمْ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً )) النساء: 83 قال العلامة السعدي: {هذا تأديب من الله لعباده عن فعلهم هذا غير اللائق، وأنه ينبغي لهم إذا جاءهم أمر من الأمور المهمة، والمصالح العامة، ما يتعلق بالأمن وسرور المؤمنين، أو بالخوف الذي فيه مصيبة عليهم، أن يتثبتوا ولا يستعجلوا بإشاعة ذلك الخبر، بل يردونه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم، أهلِ الرأي والعلم والنصح والعقل والرزانة، الذين يعرفون الأمور، ويعرفون المصالح وضدها } . و هذا ديننا الإسلامي الحنيف وضع منهجاً دقيقاً ومحكماً للفرد والجماعة للوقاية من خطر الإشاعة وآثارها وهو كما قلنا التثبت والتيقن من صحتها، وعدم نقل الكلام لمجرد سماعه فحسب بل لابد من توثيق وتأكيد لمضمونه ومحتواه ، ومن ثم التحدث به إن كان يصلح للتكلم به، وفيه منافع دنيوية أو الأخروية سواء على مستوى الأفراد أو المجتمعات أو الدول ، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ يقول: {من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت}. رواه البخاري ومسلم فيجب علينا جميعاً السير على هذا الطريق والمنهج الواضح الذي بينه لنا ديننا وجاء به رسولنا عليه الصلاة والسلام في هذه المسألة وهي نقل الإشاعة وترويجها ، وخصوصاً في الأوقات التي يكثر فيها القيل والقال من المتربصين ببلادنا المباركة حرسها الله المملكة العربية السعودية وكذلك ولاة أمرها وعلمائها وفقهم الله جميعاً وجمع الله كلمتهم ولم شملهم ووقاهم ووقنا شر الفتن ما ظهر منها وما بطن . والحمد لله أولاً وأخراً وصلى الله وسلم وبارك على محمد ،،،، كتبه محمد بن سريع العجمي عضو الدعوة والإرشاد بمحافظة الخرج عضو الجمعية السعودية للدراسات الدعوية