كانت الخرج قبل أربعين عاما أفضل مما هي عليه اليوم -إذا ما استثنينا المساحة والمباني والطرق وعدد السكان-، حيث كان في الخرج عيون جارية ممتد في (ساقي) من الشرق إلى الغرب يسبح فيه الصغير والكبير وكل سائح قادم إلى هذه المنطقة الجميلة بمياهها وطيبة أهلها وخضرة حقولها ومزارعها. وكان في الخرج مشتل عبارة عن رئة يتنفس بها ليس فقط أبناء الخرج ولكن المئات من سكان الرياض وما جاورها حيث يمضي الشباب فيه أجمل الأوقات والمتعة سباحة في المسبح العملاق ولعبا في الملاعب وممارسة لكافة الفنون والطبخ والضحك والمرح بكل أريحية وحرية وانضباط. وكان في الخرج سينما يزحف عليها من بعد صلاة المغرب شباب الخرج تحت مظلة نادي الكوكب (في البقشة) بجوار مستشفى الخرج وتعرض كافة الأفلام السينمائية المصرية -في الغالب- بعد الانتهاء من عرضها في نادي الشباب بالرياض الواقع بشارع العصارات. وكان في الخرج مشروع الألبان والدواجن في السهباء مفتوح للزيارات وكان القادمون للسياحة في الخرج يحرصون على زيارته وشراء اللبن والبيض منه. وكان في الخرج قطار ينقل البضائع والركاب من والى الخرج وكانت سكة القطار جنوب العقم. وكان في الخرج حركة شباب رياضي وثقافي واجتماعي نشطة قلما يوجد مثلها اليوم تقودها المدارس والجمعيات والندية والفرق الشعبية والأمارة والبلدية وغيرها. وكانت كل هذه المكونات والخصائص التي امتازت بها الخرج إضافة إلى وجود المصانع الحربية توفر لأبناء لأبنائها فرص العمل وازدهار التجارة والثقافة والاتصال المباشر بمختلف المدن وكانت السياحة مزدهرة دون دعاية أو إعلان أو حتى مكتب سياحي.. مما أغرى كثيرين من سكان المدن الأخرى إلى القدوم للخرج. واليوم صحيح إن الخرج تطورت مثل بقية مدن المملكة وتعدد فيها الإمكانيات، ولكنها فقدت باستثناء المصانع الحربية التي لا زالت الشريان النابض بالحياة الوظيفية لأبناء المنطقة.. الكثير من مقومات المتعة والسياحة والاستقطاب والجذب كالعيون والمياه والمشتل ومشروع السهباء ونشاطات الأندية من سينما ومحاضرات وندوات ومسارح وفنون وغيرها، وأصبحت مدينة كغيرها من المدن التجارية والصناعية. وحتى خزان مياهها المعلم العملاق الذي يمكن أن يكون مصدر تعويض عما سلف من تاريخ سياحي للخرج ، ضاع وللأسف بين جهات عدة ومعطل لا يستفاد منه في شيء مع أنه يوجد فيه مطعم دوار مصمم على أحدث التقنيات وبجواره مساحات يمكن أن يستفاد منها للاستثمار والجذب السياحي. وقبل الختام لا ننس أن طرق الخرج المسفلتة قبل أربعين عام أفضل بكثير (نوعا) من حال بعضها اليوم ! ونختم بالتساؤل الموجه لأعضاء المجلس المحلي والمجلس البلدي.. لماذا خزان المياه (معلم وواجهة الخرج) ومرافقه لا تزال معطلة؟ وهل هناك مشاريع قادمة لإعادة وتنشيط روح السياحة للخرج؟ ولماذا لا يعاد مشروع المشتل القديم بمسبحه ومرافقه وخدماته أو شبيه له في مواقع مختلفة من المحافظة؟ أين هي نشاطات أندية المحافظة -غير الرياضية- في التنمية المحلية؟ إن الخرج بما وهبها الله، وبما وفرت لها الدولة من الإمكانات يجب أن تكون من أجمل وأفضل المدن في التخطيط وفي الخدمات، ونأمل أن يكون هذا هو هدف كل مسؤول، والله يوفق الجميع لتحقيق المنشود. د. هلال محمد العسكر