قَطَع الأرض طولاً وعرضاً، تنّقل بين مدن المملكة، لم يترك طبيب أو علاج أو عملية أو طب شعبي أو شيخ مشهور بالقراءة إلا وذهب له، سافر إلى الخارج على أمل من الله بأن تتحقق أمنيته، مازال لديه بصيص من الأمل وفي هذه المرة قد يصبح الحلم حقيقة ولكنها تعتبر المحاولة الأخيرة حسب رأي الطبيب، وإذا لم تنجح هذه المحاولة فإن الوضع ميئوس منه ولا أمل على الإطلاق، دائماً ما يتحدث بشوق ولهفة عن الأطفال ويتمنى أن يرى أطفاله قبل أن يبلغ من العمر عتيّا، ولكن الله سبحانه وتعالى لم يكتب له الذريّة حتى آخر مكالمة هاتفية أجريتها معه. لا شك بأنها معاناة وحسرة وحرقة لن يشعر بها أو يتجرع مرارتها إلا من كان في وضعه، فكم من الجهد والتعب والضغط النفسي والتكاليف التي يتكبدها كل زوج وزوجته من أجل الإنجاب، وكم زوج إنفصل عن زوجته أو تزوج بأخرى بحثاً عن الذريّة، وكم زوج و زوجة تحجّرت دموعهم وتاهت في أعينهم من الألم عند رؤية أطفال الآخرين، هذا عدا معاناتهم من غمز ولمز الفضوليين في المجتمع المحيط بهم، والتدخل في شؤونهم الزوجية الخاصة. هذا الوضع المؤلم جداً الذي نشاهده على أرض الواقع لدى البعض، نجد ما يناقضه من جهة أخرى لدى البعض الآخر، فهناك من رزقه الله وأنعم عليه وأكرمه بالبنين والبنات، ولكن كأنه يسعى مع الأسف إلى زوال هذه النعمة بسبب جهله وسوء ألفاظه، وذلك باللعن والدعاء المتكرر على أطفاله، فعند إرتكاب الطفل لأي سلوك خاطئ أو تصرف غير مقصود تصدر منه تلك الدعوات وبأقسى العبارات، فكم أب دعى على طفله دون أن يعلم بأن دعوة الأب على الأبن مستجابة وكم أب قال لأبنه - باللهجة العامية - الله لايبارك فيك، الله يقلعك، الله ياخذك، الله يزيلك، الله يمصع رقبتك، وغيرها من الألفاظ القاتلة فهناك بالطبع ماهو أعظم من مصع الرقبة وأشدّ فتكاً، والحال كذلك ينطبق على الكثير الكثير من الأمهات، كما أن هناك العديد من ألفاظ السب والشتم يتعلمها الطفل ويكتسبها منذ نعومة أظفاره، وينشأ عليها ويتلفظ بها عند كِبَره. من المؤكد بأن دعاء الأب أو الأم على الطفل ليس متعمد أو نابع من القلب كما يقال، ولكن هذا الدعاء قد يصادف ساعة الإستجابة ويُقبل، فهل فكّر كل أب وهل فكّرت كل أم قبل النطق بأي دعوة بأن دعوتهم قد تستجاب، وبأن هناك من حولهم في المجتمع يعيشون بينهم محرومون من الذريّة، ويحلمون برؤية أطفالهم، وهل شكْر الِنعم التي أنعم الله بها على كل أب وكل أم يكون بلعن الأطفال والدعاء عليهم، ألا يعلم كل من رُزق بالذريّة بأن الأبناء زينة الحياة الدنيا، ثم هل حاول كل أب أو كل أم يسلكون هذا السلوك الدعاء لأطفالهم بالصلاح والهداية وانتقاء الدعاء الطيب بدلاً من لعنهم والدعاء عليهم. دمتم بخير. خالد بن محمد الخميس