شدني كثرة الإعلانات من قبل أرباب الأعمال في صحفنا المحلية عن شرط يتكرر وباستمرار وهو إجادة استخدام الحاسب الآلي واللغة الانجليزية. وفي المقابل نرى الكم الهائل المقابل من قبل المعاهد التدريبية عن دورات الحاسب واللغة الانجليزية ويوافقه التدافع الكبير من الشباب في الالتحاق بهذه الدورات كبوابة عبور للوظائف. الكثير من جهاتنا الحكومية تطلب الحاسب لتسيير أعمالها ولذلك نرى الدورات الحكومية للموظفين لاستخدام الحاسب , وهناك أيضا بعض الجهات التي يتطلب عملها التعامل مع اللغة الانجليزية كلغة للمراجعين والمراسلات القادمة من خارج البلاد لذلك هي الأخرى أقامت دورات للغة الانجليزية للموظفين لزيادة كفاءتهم. أعزائي القراء , هذه المقدمة لها علاقة مباشرة بموضوعي وهي احد أثار ما أود التحدث عنه. خلال دراستي لمدة 12 سنة في مراحل التعليم العام لم أذكر أننا ذهبنا لمعمل الحاسب الآلي عدا مرات تعد على الأصابع. ولم أر معامل للغة الانجليزية, وإنما مجرد تلقين بحت وتعليم لكيفية الإجابة عن أسئلة الاختبارات النهائية دون التركيز على اللغة الانجليزية كلغة هامة بحد ذاتها. لماذا نرى الضعف العام للطالب السعودي وبشكل مريع في مجال الحاسب الآلي واللغة الانجليزية, بل إن بعض الطلاب يتخرج من الثانوية وهو لا يعرف كيفية تشغيل الحاسب الآلي ولا يحفظ حتى الحروف الانجليزية. انه من المخجل جدا أن نرى طالبا قد تخرج من الثانوية ونراه يلتحق بدورة لتعليم أساسيات الحاسب الآلي وبرامج بدائية كدورات إدخال البيانات ومعالجة النصوص ودورات أساسية في اللغة الانجليزية,.والسبب في ذلك انه لم يجد هذه المعرفة من خلال دراسته. إن المملكة العربية السعودية دولة غنية ولم تأل جهدا في الصرف على مجال التعليم وليس هناك مشكلة مادية وإنما المشكلة هي مشكلة تخطيطية وتنفيذية. في دول أخرى نجد الطالب قد تخرج من مراحل التعليم العام وقد أتقن الحاسب الآلي واللغة الانجليزية والسبب في ذلك: أنها كانت جزءا رئيسا في صلب دراسته من أول سنة له في التعليم. ولا نرى الاندفاع في الدورات الأساسية في الحاسب واللغة الانجليزية هناك وإنما هي دورات تخصصية متقدمة إذا أراد المزيد في أولئك المجالين. أكدت الدراسات العلمية أن هناك قدرة لدى الطفل في سنواته الأولى في التعلم والتلقي تتفوق على الكبار وهو ما يؤكده المثل العربي ( العلم في الصغر كالنقش في الحجر , والعلم في الكبر كالنقش في البحر ). فلماذا نفرط في هذه المرحلة الهامة في حياة الإنسان وعند فوات هذه الفرصة نجده يبدأ تعلمه في الوقت الضائع. أطالب وزارة التربية والتعليم أن تتقي الله في أبناء هذا الوطن وتواكب العصر بإدخال الحاسب الآلي واللغة الانجليزية مع تطبيقاتهما مع أول سنة دراسية للطالب وان توفر المعامل والأجهزة لذلك وتفعلها. وليس مجرد معامل مغلقة وتطبيق ميت معدوم. مما يحز في نفسي أن نرى أعداء النجاح يقفون حجر عثرة في رقي وتقدم الطالب السعودي ومازلت اذكر موجة الاحتجاجات الهائلة عندما طرح موضوع إدخال اللغة الانجليزية في الصف السادس وقامت الدنيا ولم تقعد وكأنه سيتم إدخال تدريس مادة اللاهوت المسيحية, مع أن الطالب في الصف الأول متوسط يدرس اللغة الانجليزية ولا فرق بينهما , فما المشكلة إذا ؟ فاللغة هي اللغة في كلا السنتين. ولعل هناك من احتج أن هذا القرار يعطل تعلم اللغة العربية وهذا احتجاج باطل لأنه ثبت بطلانه والدليل أن طلاب المدارس الكبرى الخاصة المتقدمة والذين يدرسون اللغة الانجليزية والحاسب الآلي منذ السنوات الأولى كانوا هم المتفوقون دائما ومن يواكب التقدم ويدخلون التخصصات المميزة في جامعاتنا ويحتلون المراتب المتقدمة ولم تتأثر لغتهم العربية ولا أخلاقهم الإسلامية. نحن في بلد نفطي ومقبل على ثورة كبيرة ونعيش في القرن الحادي والعشرين ومازال الطالب السعودي ليس كغيره من الطلاب يجيد الحاسب الآلي واللغة الانجليزية وتطبيقاتهما , ووزارة التربية والتعليم شغلها الشاغل الاهتمام بالشكليات وتغيير الطبعة في كل سنة مع تعديل بسيط بحذف وإضافة وتحميل الطالب بعشرات الكتب الفقيرة علميا وتركت أهم ركيزتين في هذا العصر بعد العلوم الدينية وهما الحاسب الآلي واللغة الانجليزية. همسة: المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف . ومن القوة : قوة العلم التي ترقى بالأمم إلى منابر التقدم ملاحظة: لم أود التوسع في مشاكل التعليم والخروج عن موضوعي الأساسي بل أردت حصر المقال في هذه النقطة الهامة. وليس هذا كل شي فلي عودة في مقال آخر عن التعليم ناجي بن مساعد